المشاركات الشائعة

مشاركة مميزة

مقدمة إلى كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة

  مكافحة الانحلال الروحي - وباؤنا العالمي ”مقدمة إلى كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة“  الرئيس رسل م. نلسن   أُلقي هذا الخطاب في ب...

الجمعة، 13 يناير 2023

رفع على الصليب

 

رفع على الصليب

لكي تكون من أتباع يسوع المسيح، يجب على المرء أحيانًا أن يحمل عبئًا ويذهب حيث تكون التضحية مطلوبة وتكون المعاناة أمرًا لا مفر منه.

قبل سنوات، وبعد مناقشة حول التاريخ الديني الأمريكي في كلية للدراسات العليا، سألني زميلي: ”لماذا لم يَتَبَنَّ قديسو الأيام الأخيرة الصليب الذي يستخدمه المسيحيون الآخرون كرمز لإيمانهم؟“

ونظرًا لأن مثل هذه الأسئلة حول الصليب غالبًا ما تكون في حقيقتها سؤالًا حول مدى التزامنا بالمسيح، فقد أخبرته على الفور أن كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة تعتبر الأضحية الكفارية ليسوع المسيح الحقيقة المركزية والأساس الحاسم والعقيدة الرئيسة، والتعبير الأعلى عن الحب الإلهي في خطة الله العظيمة لخلاص بنيه.١ شرحت له أن نعمة الخلاص المتأصِّلة في هذا الفعل كانت ضرورية وأنها هبة كونية للعائلة البشرية بأكملها من آدم وحواء حتى نهاية العالم.٢ استشهدت بالنبي جوزف سميث الذي قال: ”كل الأشياء التي تتعلق بديننا ما هي إلا ملاحق“ لكفارة يسوع المسيح.٣

ثم قرأت له ما كتبه النبي نافي قبل ٦٠٠ عام من ولادة يسوع: ”وَكانَ أَنَّ الْمَلاكَ كَلَّمَني قائِلًا: اُنْظُرْ! فَنَظَرْتُ وَرَأَيْتُ … حَمَلَ اللّٰهِ … قَدْ عُلِّقَ عَلَى ٱلصَّلِيبِ وَقُتِلَ عَنْ خَطَايَا ٱلْعَالَمِ“.٤

وبأقصى ما بي من حماس لتطبيق مبادئ ”الحب والمشاركة والدعوة“ ، واصلت القراءة! قال المسيح المقام من بين الأموات للنافيين في العالم الجديد: ”لَقَدْ أَرْسَلَنِي أَبِي لِكَيْ أُرْفَعَ عَلَى الصَّلِيبِ … [لأَجْذِبُ] إِلَيَّ جَمِيعَ الْبَشَرِ … لِهَذَا السَّبَبِ قَدْ رُفِعْتُ“.٥

كنت على وشك الاقتباس من بولس الرسول عندما لاحظت أن صديقي فقد اهتمامه بالحديث. يبدو أن نظرة سريعة على ساعة يده ذكّرته بأنه بحاجة إلى أن يكون في مكان ما - في أي مكان - وانطلق إلى موعده الوهمي. وهكذا انتهى حديثنا.

هذا الصباح، بعد حوالي ٥٠ عامًا، أنا مصمم على إنهاء هذا التفسير — حتى لو بدأ كل فرد منكم في النظر إلى ساعته. بينما أحاول أن أشرح سبب عدم استخدامنا رمز الصليب بشكل عام، فإنني أود أن أوضح بجلاء احترامنا العميق وإعجابنا الشديد بالدوافع الإيمانية لدى من كرسوا حيواتهم لذلك.

أحد الأسباب التي تجعلنا لا نركز على الصليب كرمز ينبع من جذورنا في الكتاب المقدس. لأن الصلب كان أحد أكثر أشكال الإعدام إيلاما في الإمبراطورية الرومانية، فقد اختار العديد من أتباع يسوع الأوائل عدم منح أهمية لأداة التعذيب الوحشية هذه. كان معنى موت المسيح بالتأكيد مركزيا لإيمانهم، لكنهم سعوا لحوالي ثلاثمائة عام إلى التعبير عن هويتهم الإنجيلية بوسائل أخرى.٦

بحلول القرنين الرابع والخامس، تم طرح الصليب كرمز لمسيحية عمومية، لكن مذهبنا ليس ”مسيحية عمومية“. فلأننا لسنا كاثوليك ولا بروتستانت، فإننا، بالأحرى، كنيسة مستعادة، أو كنيسة العهد الجديد المستعادة. وهكذا، تعود أصولنا وسلطتنا إلى ما قبل زمن المجامع الكنسية وقوانين الإيمان والأيقونات.٧ على هذا الأساس، فإن عدم وجود رمز تأخر استخدامه بشكل عام هو دليل آخر على أن كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة هي استعادة للبدايات المسيحية الأصيلة.

سبب آخر لعدم استخدام الصلبان كأيقونات هو تركيزنا على المعجزة الكاملة لرسالة المسيح التي تتضمن قيامته المجيدة بالإضافة إلى معاناته الفدائية وموته. في التأكيد على هذه العلاقة، أشير إلى لوحتين معلقتين٨ خلف مقاعد الرئاسة الأولى ورابطة الرسل الاثني عشر في اجتماعاتهم الأسبوعية في الهيكل المقدس كل يوم خميس في مدينة سولت ليك. هذه اللوحات هي بمثابة تذكير دائم لنا بالثمن الذي تم دفعه والنصر الذي حققه يسوع الذي نحن خُدّامُه.

الصلب، بريشة هيري أندرسن القيامة، بريشة هيري أندرسن

وهناك أيضًا العمل المعروف الذي نعبر به عن انتصار المسيح المزدوج وهو لوحة ثورفالدسن الصغيرة هذه للمسيح المقام من الأموات خارجا في مجد من القبر وجراح صلبه لا تزال ظاهرة عليه.٩

شعار الكنيسة

أخيرًا، نذكر أنفسنا بأن الرئيس غوردن ب. هنكلي علّم ذات مرة: ”يجب أن [تكون] حياة شعبنا ... رمز [إيماننا]“.١٠ تقودني هذه الاعتبارات - خاصةً الأخيرة - إلى ما قد يكون أهم الإشارات في النصوص المقدسة إلى الصليب. وهو أمر لا علاقة له بالحلي أو المجوهرات أو أبراج الكنائس أو اللافتات. بدلاً من ذلك، يجب أن يتعلق الأمر بالنزاهة الشديدة والالتزام الأخلاقي الراسخ الذي يجب أن يكون جزءا مكينا من حياة المسيحيين عند تلبيتهم الدعوة التي وجهها يسوع لكل واحد من تلاميذه. في كل أرض وعصر قال لنا جميعًا: ”إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَسِيرَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي“.١١

هذه الكلمات تشير إلى الصلبان التي نحمل عبئها وليس التي نرتديها. لكي يكون المرء من أتباع يسوع المسيح، فإن عليه أن يحمل العبء أحيانًا — سواء كان عبئا خاصًا أو عبء شخص آخر — والتوجه إلى حيث تكون التضحية مطلوبة والمعاناة أمرا لا مفر منه. لا يمكن للمسيحي الحقيقي أن يتبع المعلم فقط في الأمور التي يوافقه فيها الرأي. لا. إننا نتبعه في كل موقع، بما في ذلك، إذا لزم الأمر، في الميادين المخضبة بالدموع والحافلة بالمتاعب، وفي مواقف قد نواجهها أحيانا بمفردنا.

أنا أعرف أشخاصًا، من داخل الكنيسة وخارجها، يتبعون المسيح بمثل هذه الأمانة. أعرف أطفالًا يعانون من إعاقات جسدية شديدة، وأعرف الآباء والأمهات الذين يعتنون بهم. أراهم جميعا يعملون أحيانًا إلى درجة الإنهاك التام، باحثين عن القوة والأمان وبعض لحظات البهجة التي لا تأتي بأي طريقة أخرى. أعرف العديد من العازبين المستحقين الذين يتوقون إلى قرين محب وزواج رائع ومنزل عامر بالأطفال. لا يمكن لأي رغبة أن تكون أكثر صلاحًا، لكن هذا الحظ الجيد لم يصادفهم بعد، رغم مرور الزمن. أعرف من يصارعون الأمراض العقلية المختلفة، والذين يتضرعون طلباً للمساعدة وهم يُصَلّون ويتحرقون لدخول أرض ميعاد الاستقرار النفسي. أعرف من يعيشون في فقر مدقع، لكنهم يتحدون اليأس ولا يطلبون سوى فرصة تحقيق حياة أفضل لأحبائهم وغيرهم من المحتاجين من حولهم. أعرف الكثيرين ممن يصارعون مسائل موجعة تتعلق بالهوية والجنس والجنسانية. أبكي لأجلهم، وأبكي معهم، مدركًا مدى أهمية عواقب قراراتهم.

هذه مجرد أمثلة قليلة من العديد من الظروف الصعبة التي قد نواجهها في الحياة، وهي تذكيرات رسمية بأن هناك ثمن للتلمذة. قال الملك داود لأرونة، الذي حاول أن يعطيه مجانا ثيرانًا وحطبًا لمحرقته: ”لا، بَلْ أَشْتَرِي مِنْكَ كُلَّ هَذَا بِثَمَنٍ، إِذْ لَنْ أُصْعِدَ لِلرَّبِّ مُحْرَقَاتٍ مَجَّانِيَّةً“.١٢ وهذا أيضًا هو ما نقوله بصوت واحد.

عندما نحمل صلباننا ونتبعه، فسيكون الأمر مأساويًا حقًا إذا لم يجعلنا ثقل تحدياتنا أكثر تعاطفًا وانتباهًا للأعباء التي يحملها الآخرون. إنها واحدة من أقوى المفارقات في صلب المسيح أن ذراعي المخلص كانتا مفتوحتين على مصراعيهما ومُسَمَّرَتان في ذلك الوضع، كان ذلك غير مقصود ولكنه كان بدقة تصور أن كل رجل وامرأة وطفل في جميع أفراد الأسرة البشرية ليس موضع ترحيب فحسب بل ومدعوين إلى أحضان فدائه ومجده.١٣

بما أن القيامة المجيدة أعقبت الصلب المؤلم، فإن بركات متنوعة تنسكب على الراغبين بها، وهي كما يقول النبي يعقوب في كتاب مورمون، ”أن يُؤْمِنَ جَميعُ الْبَشَرِ بِالْمَسيحِ، ناظِرينَ مَوْتَهُ، مُحْتَمِلينَ صَليبَهُ“. أحيانًا تأتي هذه البركات بسرعة وأحيانًا تأتي لاحقًا، لكن الخاتمة الرائعة لدرب آلامنا الشخصية١٤ هو الوعد من المعلم نفسه بأن البركات آتية لا محالة. للحصول على هذه البركات، أدعو الله بأن نتبعه — بلا كلل، وألا نتردد وألا نتهرب، وألا نجفل أبدًا في خدمتنا، سواء كانت صلبان التجارب ثقيلة أو عندما تخيم الظلمة على دربنا لبعض الوقت. أقدم امتناني الشخصي العميق على قوتكم وولائكم وحبكم. أشهد اليوم رسوليًا للذي ”[رُفِعَ]“١٥ وللبركات الأبدية التي يمنحها لمن ”[يُرفَعُون]“ معه، حتى الرب يسوع المسيح، آمين. .

ملاحظات

  1. انظر جفري ر. هولند ، موسوعة المورمونية (١٩٩٢) ، ”كفارة يسوع المسيح“ ١: ٨٣.

  2. يتحدث أمولق عن كفارة المسيح على أنها ”تَضْحِيَةٌ عَظِيمَةٌ أَخِيرَةٌ“ ، كونها ”أَبَدِيَّةً لَا حَدَّ لَهَا“ في تأثيرها (ألما ٣٤: ١٠). لأن ”الْجَمِيعُ كَبَوْا وَزَاغُوا فَاسْتَحَقُّوا الْهلَاكَ لَوْلَا الْكَفَّارَةُ“ (ألما ٣٤: ٩؛ راجع أيضاً الآيات ٨- ١٢). يضيف الرئيس جون تيلور: ”بطريقة غير مفهومة لنا ولا يمكن تفسيرها، تحمل [يسوع] ثقل خطايا العالم كله. ليس من آدم فقط بل من نسله. وبذلك فتح ملكوت السماوات، ليس فقط لجميع المؤمنين وجميع الذين يطيعون شريعة الله، ولكن لأكثر من نصف العائلة البشرية الذين يموتون قبل أن يبلغوا سنوات النضج، وكذلك الذين ماتوا بدون معرفة الشريعة، من خلال وساطته، فإنهم سيُقامون من الموت بدون الشريعة، ويُحاكمون بدون الشريعة، وبالتالي سيشاركون ... في بركات كفارته“ (An Examination into and an Elucidation of the Great Principle of the Mediation and Atonement of Our Lord and Savior Jesus Christ [1892], 148–49; Teachings of Presidents of the Church: John Taylor [2001], 52–53).

  3. Teachings of Presidents of the Church: Joseph Smith (2007), 49.

  4. ١ نافي ١١‏:٣٢- ٣٣.

  5. ٣ نافي ٢٧: ١٤- ١٥.

  6. بالطبع هناك إشارات إلى الصليب في تعاليم بولس (راجع، على سبيل المثال ١  كورنثوس ١: ١٧- ١٨ ؛ غلاطية ٦: ١٤ ؛ فيلبي ٣: ١٨)، لكن هذه تحدثت عن شيء أكبر بكثير من عارضتين خشبيتين مسمرتين معًا أو أي رمز أصغر من هذا القبيل. لذلك عندما يتحدث بولس عن الصليب، فإنه يستخدم الاختصار العقائدي للتحدث عن عظمة الكفارة، وهي ساحة ينضم إليه فيها قديسو الأيام الأخيرة بسهولة ويقتبسون منه.

  7. كانت الشخصيات المسيحية المبكرة والتقليدية مثل مساعد مارتن لوثر أندرياس كارلستادت (١٤٨٦-١٥٤١) تجادل في أواخر العصور الوسطى بأن ”الصليب [بمفرده] يصور فقط معاناة المسيح البشرية وأنه يتجاهل إبراز أهمية قيامته و[قوة] فدائه“ (في John Hilton III, Considering the Cross: How Calvary Connects Us with Christ [2021], 17).

  8. Harry Anderson, The Crucifixion; Harry Anderson, Mary and the Resurrected Lord.

  9. راجع رسل م. نلسن، ”فلتفتح السموات أبوابها وتغيثنا“، لياحونا، أيار/مايو ٢٠٢٠، ٧٢- ٧٤.

  10. Gordon B. Hinckley, “The Symbol of Christ,” Ensign, May 1975, 92.

  11. متى ١٦: ٢٤.

  12. صموئيل الثاني ٢٤: ٢٤.

  13. ”ذِراعَهُ مَمْدودَةٌ إِلى كُلِّ مَنْ يَتوبُ وَيُؤْمِنُ بِاسْمِهِ“ (ألما ١٩: ٣٦؛ راجع أيضاً  ٢ نافي ٢٦: ٣٣ألما ٥: ٣٣).

  14. Via dolorosa عبارة لاتينية تعني ”طريق أو ممر أو سلسلة تجارب صعبة بشكل مؤلم“ (Merriam-Webster.com Dictionary, “via dolorosa,” accessed Aug. 16, 2022). غالبًا ما يرتبط بحركة يسوع من إدانته على يد بيلاطس إلى صلبه على الجلجثة.

  15. راجع ٣ نافي ٢٧: ١٤-١٥.

البَسي عِزَّكِ يا صِهيَونُ!

 

البَسي عِزَّكِ يا صِهيَونُ! 

يجب على كل واحد منا أن يقيم أولوياته الزمنية والروحية بصدق وصلاة.

الأمثال هي سمة مميزة لمنهج الرب يسوع المسيح البارع في التعليم. ببساطة ، تُعرّف أمثال المخلص على أنها قصص تُستخدم لمقارنة الحقائق الروحية بالأشياء المادية والتجارب البشرية. مثلا، أناجيل العهد الجديد زاخرة بالتعاليم التي تُشَبِّه ملكوت السماء بحبة الخردل ،١ وبلؤلؤة نفيسة،٢ وبرب منزل وعمال يعملون في كرمه،٣ وبعشر عذارى ،٤ وكثير من الأمثال الأخرى. خلال جزء من خدمة الرب في منطقة الجليل ، تشير النصوص المقدسة إلى أنه ”بِغَيْرِ مَثَلٍ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ“.٥

عادة لا يتم التعبير بشكل صريح عن المعنى المقصود أو رسالة المثل. بدلاً من ذلك ، تنقل القصة الحقيقة الإلهية إلى المتلقي فقط بما يتناسب مع إيمانه بالله ، واستعداده الروحي الشخصي ، وقابليته للتعلم. وبالتالي ، يجب على الفرد أن يمارس إرادته الأخلاقية وأن ”يسأل ، ويطلب ، ويقرع“٦ لاكتشاف الحقائق المُضَمَّنَة في المثل.

أصلي لله بحرارة أن ينير الروح القدس كل واحد منا ونحن ننظر الآن في أهمية مثل وليمة الملك.

وليمة الملك

”وَعَادَ يَسُوعُ يَتَكَلَّمُ بِالأَمْثَالِ، فَقَالَ:

”يُشَبَّهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ بِإِنْسَانٍ مَلِكٍ أَقَامَ وَلِيمَةً فِي عُرْسِ ابْنِهِ،

”وَأَرْسَلَ عَبِيدَهُ يَسْتَدْعِي الْمَدْعُوِّينَ إِلَى الْعُرْسِ، فَلَمْ يَرْغَبُوا فِي الْحُضُورِ.

”فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ ثَانِيَةً عَبِيداً آخَرِينَ قَائِلاً لَهُمْ: قُولُوا لِلْمَدْعُوِّينَ: هَا أَنَا قَدْ أَعْدَدْتُ وَلِيمَتِي؛ ثِيرَانِي وَعُجُولِي الْمُسَمَّنَةُ قَدْ ذُبِحَتْ وَكُلُّ شَيْءٍ جَاهِزٌ، فَتَعَالَوْا إِلَى الْعُرْسِ!

”وَلكِنَّ الْمَدْعُوِّينَ تَهَاوَنُوا، فَذَهَبَ وَاحِدٌ إِلَى حَقْلِهِ، وَآخَرُ إِلَى مَتْجَرِهِ؛“٧

في العصور القديمة ، كانت إحدى أكثر المناسبات سعادة في الحياة اليهودية هي الاحتفال بالزفاف - وهو حدث يمتد لأسبوع أو حتى أسبوعين. تطلب مثل هذا الحدث تخطيطًا مكثفًا ، وكان يتم إبلاغ الضيوف مسبقًا ، مع إرسال تذكير في يوم افتتاح الاحتفالات. كانت دعوة ملك إلى رعاياه لحضور حفل زفاف مثل هذا تعتبر في الأساس أمرًا عليهم طاعته. ومع ذلك ، فإن العديد من المدعوين في هذا المثل لم يحضروا.٨

”كان رفض حضور وليمة الملك عملاً متعمدًا من التمرد ضد السلطة الملكية وإهانة شخصية ضد الملك الحاكم وابنه. … انصراف رجل إلى مزرعته و آخر إلى [ مصالحه التجارية]“٩يعكس سوء تقدير أولوياتهم وتجاهلهم التام لإرادة الملك.١٠

يتابع المثل:

ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: إِنَّ وَلِيمَةَ الْعُرْسِ جَاهِزَةٌ، وَلكِنَّ الْمَدْعُوِّينَ لَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ.

”فَاذْهَبُوا إِلَى مَفَارِقِ الطُّرُقِ، وَكُلُّ مَنْ تَجِدُونَهُ ادْعُوهُ إِلَى وَلِيمَةِ الْعُرْسِ!

”فَخَرَجَ الْعَبِيدُ إِلَى الطُّرُقِ، وَجَمَعُوا كُلَّ مَنْ وَجَدُوا، أَشْرَاراً وَصَالِحِينَ، حَتَّى امْتَلأَتْ قَاعَةُ الْعُرْسِ بِالضُّيُوفِ“.١١

كانت العادة في تلك الأيام أن يقوم مضيف وليمة العرس - في هذا المثل ، الملك - بتوفير الملابس لضيوف حفل الزفاف. كانت ملابس الزفاف هذه عبارة عن أردية بسيطة غير مميزة يرتديها جميع الحاضرين. بهذه الشكل لم يتميز أحد عن غيره في الرتبة والمقام، ويمكن لجميع الذين في الحفل الاختلاط على قدم المساواة.

لم يكن لدى الأشخاص الذين جرت دعوتهم من الطرق لحضور حفل الزفاف الوقت أو الوسائل لشراء الملابس المناسبة استعدادًا للحدث. وبالتالي ، فمن المحتمل أن الملك أعطى الضيوف الملابس من خزانة ملابسه الخاصة. أتيحت الفرصة لجميع الحضور لارتداء الملابس الملكية.١٣

عندما دخل الملك قاعة الزفاف ، استطلع الجمهور ولاحظ على الفور أن أحد الضيوف البارزين لم يكن يرتدي ثوب الزفاف. تقدم الرجل ، وسأله الملك: ”يَا صَاحِبِي، كَيْفَ دَخَلْتَ إِلَى هُنَا وَأَنْتَ لَا تَلْبَسُ ثَوْبَ الْعُرْسِ؟ فَظَلَّ صَامِتاً“.١٤ في الأساس ، سأله الملك: ”لماذا لا ترتدي ثوب الزفاف ، رغم أنك وُهِبت واحدا؟“١٥

من الواضح أن الرجل لم يكن يرتدي الزي المناسب لهذا الحدث الخاص، وعبارة ”وظل صامتاً“ تشير إلى أن الرجل كان بلا عذر.١٦

يقدم الشيخ الراحل جيمس إ. تالمج التعليق الإرشادي التالي حول أهمية تصرفات الرجل: ”من الواضح من السياق أن الضيف الذي لم يكن مرتديا الملابس كان مذنبًا بالإهمال أو عدم الاحترام المتعمد أو بعض الإساءات الجسيمة الأخرى. استفسر الملك في البداية بلباقة وكياسة عن كيفية دخول الرجل إلى الحفل بدون زي الاحتفال. لو كان الرجل قادرًا على شرح مظهره الاستثنائي ، أو لو كان لديه أي عذر معقول ليقدمه ، لكان قد تحدث بالتأكيد ؛ ولكن النص يقول لنا إنه ظل عاجزًا عن الكلام. لقد كان الملك سخيا إلى حد أنه طلب من خدمه دعوة كل من لاقوه ؛ ولكن كان على كل واحد من هؤلاء المدعوين أن يدخل القصر الملكي من المدخل الرئيس. وقبل الوصول إلى غرفة المأدبة، حيث سيظهر هناك الملك بنفسه ، يجب أن يكون كل من المدعوين مرتديا الزي المناسب؛ ولكن الشخص الذي لم يكن مرتديا ثوب الاحتفال دخل إلى الحفل بطريقة أخرى. ولم يمر عبر الحراس عند البوابة، لقد كان دخيلًا“.١٧

لاحظ المؤلف المسيحي، جون أ. ريد، أن رفض الرجل ارتداء ثوب الاحتفال يمثل عدم احترام صارخ لكل من الملك وابنه. لم يكن يفتقر ببساطة إلى ثوب الاحتفال. بل اختار ألا يلبسه. رفض بشكل متمرد ارتداء الملابس الخاصة بهذه المناسبة. كان رد فعل الملك سريعًا وحاسمًا: ”قَيِّدُوا رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ، وَاطْرَحُوهُ فِي الظَّلامِ الْخَارِجِيِّ، هُنَالِكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ!“١٨

لم يستند حكم الملك على الرجل أساسًا إلى افتقاره للباس الحفل – ولكن الرجل ”كان في الواقع مصممًا على عدم لبسه. رغب الرجل في أن يحظى بشرف حضور وليمة العرس لكنه لم يرغب في اتباع عادة الملك. أراد أن يفعل الأشياء بطريقته الخاصة. كشف افتقاره للزي المناسب عن تمرده الداخلي على الملك وتعليماته“.١٩

المدعوون كثيرون، ولكن المختارين قليلون

ثم يختتم المثل بالكلمات الحادة التالية، "لأَنَّ الْمَدْعُوِّينَ كَثِيرُونَ، وَلكِنَّ الْمُخْتَارِينَ قَلِيلُونَ!“٢٠

من المثير للأمر أن جوزيف سميث في ترجمته الملهمة للكتاب المقدس أدخل التعديل التالي على هذه الآية من إنجيل متى: ”لأن المدعوين كثيرون ولكن المختارين قليلون؛ لذلك لا يرتدي الجميع لباس حفل الزفاف“.٢١

إن الدعوة إلى وليمة الزفاف واختيار المشاركة في الوليمة هما أمران مرتبطان لكنهما مختلفان. إن الدعوة موجهة لجميع الرجال والنساء. قد يقبل الفرد الدعوة ويجلس على المائدة - ولكن لا يتم اختياره للمشاركة لأنه لا يرتدي اللباس الاحتفالي المناسب المتمثل في الاهتداء إلى الإيمان بالرب يسوع ونعمته الإلهية. وهكذا ، يكون لدينا كلا من دعوة من الله واستجابتنا الشخصية لتلك الدعوة ، وقد يتم دعوة الكثيرين ولكن القليلين يُختارون.٢٢

أن نكون مختارين أو أن يتم اختيارنا لا يُعد وضعًا حصريًا ممنوحًا لنا. بدلاً من ذلك ، يمكننا في النهاية أن نختار أن نكون من المختارين من خلال الممارسة الصالحة لإرادتنا الأخلاقية.

يرجى ملاحظة استخدام كلمة يُنتَخبون في الآيات المألوفة التالية من كتاب المبادئ والعهود: 

”انظروا، هوذا الكثيرون يدعون ولكن القليل يُنتَخبون. ولماذا لم يُختاروا؟

لأن قلوبهم مركزة جدا على أمور هذا العالم، وتطمح إلى أمجاد البشر“.٢٣

أعتقد أن دلالات هذه الآيات واضحة تمامًا. إن الله ليس لديه قائمة بشخصياته المفضلة التي يجب أن نتمنى أن تتم إضافة أسمائنا إليها يومًا ما. إنه لا يقصر ”المختارين“ على فئة قليلة. بدلاً من ذلك، قلوبنا، ورغباتنا، وتكريمنا لعهود ومراسيم الإنجيل المقدس، وطاعتنا للوصايا، والأهم من ذلك، نعمة المخلص الفادية هي ما يحدد ما إذا كنا محسوبين كأحد مختاري الله.٢٤

”فَنَحْنُ نَعْمَلُ بِاجْتِهادٍ لِنَكْتُبَ، لِإِقْناعِ أَبْنائِنا وَإِخْوَتِنا أَيْضًا بِأَنْ يُؤْمِنوا بِالْمَسيحِ، وَأَنْ يَتْصَالَحوا مَعَ اللّٰهِ؛ لِأَنَّنا نَعْلَمُ أَنَّهُ بِالنِّعْمَةِ نَخْلُصُ بَعْدَ كُلِّ ما يُمْكِنُنا عَمَلُهُ“.٢٥

خلال مشاغل حياتنا اليومية وفي ضجة العالم المعاصر الذي نعيش فيه ، قد يُصرف انتباهنا عن الأشياء الأبدية الأكثر أهمية من خلال جعل المتعة والازدهار والشعبية والشهرة هي أولوياتنا الأساسية. إن انشغالنا على المدى القصير بـ”أمور العالم“ و ”أمجاد البشر“ قد يقودنا إلى التنازل عن امتيازات بكوريتنا الروحية مقابل ما هو أقل بكثير من وعاء من الطبيخ الأحمر.٢٦

الوعد والشهادة

أكرر تحذير الرب لشعبه من خلال نبي العهد القديم حجي: ”وَالآنَ هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ: ”تَأَمَّلُوا فِيمَا فَعَلْتُمْ“.٢٧

يجب على كل واحد منا أن يقيم أولوياته الزمنية والروحية بصدق وصلاة لتحديد الأشياء في حياتنا التي قد تعيق البركات الغزيرة التي يرغب الآب السماوي والمخلص في منحنا إياها. سيساعدنا الروح القدس على رؤية أنفسنا على حقيقتها.٢٨

عندما نسعى بشكل سليم للحصول على الموهبة الروحية لنرى ونسمع بعمق٢٩ فإنني أعدكم بأننا سنُبارك بالقدرة والحكمة لتقوية علاقة العهد مع الرب الحي. وسننال أيضًا قوة التقوى في حياتنا٣٠- وفي نهاية المطاف فإننا سنُدعى ونُختار لمأدبة الرب.

”اسْتَيْقِظيِ، اسْتَيْقِظِي تَسَرْبَلِي بِقُوَّتِكِ يَا صِهْيَوْنُ.“٣١

”لأن صهيون يجب أن تزداد جمالاً وقداسةً؛ وحدودها يجب أن تَمْتَدّ؛ وأوتادها تتقوى؛ نعم، الحق أقول لكم: يجب أن تنهض صهيون وتتسربل بملابسها الجميلة“.٣٢

أنا أُعلن ببهجة شهادتي للحقيقة الإلهية والحية بوجود الله الأب الأبدي وبابنه الحبيب، يسوع المسيح. أشهد أن يسوع المسيح هو مخلصنا وفادينا وهو حي. وأشهد أيضًا أن الآب والابن ظهرا للصبي جوزيف سميث ، وبذلك ابتدأت استعادة إنجيل المخلص في الأيام الأخيرة. أرجو أن يبحث كل منا عن أعين لترى وآذان لتسمع ، أصلي لأجل ذلك باسم الرب يسوع المسيح المقدس ، آمين.