المشاركات الشائعة

مشاركة مميزة

مقدمة إلى كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة

  مكافحة الانحلال الروحي - وباؤنا العالمي ”مقدمة إلى كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة“  الرئيس رسل م. نلسن   أُلقي هذا الخطاب في ب...

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2020

العثور على البهجة في المسيح

 



العثور على البهجة في المسيح

إن أضمن طريقة للعثور على البهجة في المسيح هي الانضمام إليه عن طريق مساعدة الآخرين.

لا يطلب الرب من شباب كهنوت هارون أن يفعلوا كل شيء، لكن ما يطلبه هو أمر يبعث على الإلهام.

قبل سنوات قليلة خاضت أسرتنا ما تواجهه العديد من الأسر في هذا العالم الساقط. أصيب ابننا الأصغر، تانر كريستيان لاند، بالسرطان. لقد كانت له روح مميزة، كما هو حال الأطفال في تلك السن. لقد كان عفريتا ومضحكا وفي نفس الوقت كان ذا حس روحاني مذهل. عفريتاً وملاكاً ، شقياً ولطيفاً عندما كان صغيراً وكان يحيرنا كل يوم بألاعيبه، تساءلنا عما إذا كان سيكبر ليكون نبيا أم لص بنوك. في كلتا الحالتين، كان يبدو أنه سيترك بصمة في العالم.

فجأة أصبح مريضاً جداً. على مدى السنوات الثلاث التالية ، استخدم الطب الحديث تدابير بطولية، بما في ذلك عمليتا زرع نخاع عظمي، وأصيب بعدها بالتهاب رئوي، مما تطلب منه قضاء ١٠ أسابيع فاقدًا للوعي على جهاز للتنفس الاصطناعي. بأعجوبة، تعافى لفترة قصيرة، ولكن بعد ذلك عاد إليه السرطان.

قبل أن يتوفى تانر بوقت قصير كان المرض قد اخترق عظامه وحتى مع المسكنات القوية كان يعاني من الألم. كان يقدر بالكاد على النهوض من الفراش. ولكن في صباح يوم أحد جاءت أمه كالين إلى غرفته للاطمئنان علية قبل أن تذهب أسرتنا إلى الكنيسة. وفوجئت برؤيتها له وقد ارتدى ثيابه بنفسه بشكل ما وجالساً على حافة فراشه وهو يتألم محاولا بصعوبة أن يزرر قميصه. جلست كالين بجانبه. قالت له ”تانر“، هل أنت متأكد أنك تمتلك ما يكفي من القوة حتى تذهب إلى الكنيسة؟ ربما كان عليك أن تبقى في المنزل وترتاح اليوم؟

حدق تانر في الأرض. كان شماساً. كان ينتمي إلي رابطة. كانت لديه وظيفة ليؤديها.

”يجب عليّ تمرير القربان اليوم“.

”أنا متأكدة أنه يمكن لأحدهم فعل ذلك بدلاً عنك“.

فقال تانر: ”نعم، لكنني … أرى كيف ينظر الناس إلي عندما أمرر القربان. أعتقد أن ذلك يساعدهم“.

فساعدته أمه على تزرير قميصه وربط رباط عنقه وذهبا إلي الكنيسة. كان من الواضح أن أمرا مهما كان يحدث.

جئت أنا إلى الكنيسة قادماً من اجتماع مبكر ففوجئت برؤية تانر جالساً في صف الشمامسة. أخبرتني كالين عن سبب وجوده وما قاله: ”أعتقد أن ذلك يساعد الناس“.

وهكذا شاهدت الشمامسة وهم يتقدمون إلى مائدة القربان. وهكذا شاهدته يستند بِرِقّةٍ إلى شماس آخر عندما أعطاهم الكهنة أطباق الخبز. جر تانر قدميه إلى المكان المحدد وقبض على طرف المقاعد ليثبت نفسه وهو يقدم القربان.

بدا وكأن كل عين في القاعة كانت عليه شاعرة بألمه المكبوت وهو يقوم بدوره البسيط. بطريقة ما، قدم تانر عظة صامتة وهو ينتقل بصعوبة من صف إلى صف — ورأسه الأصلع رطب من العرق — ممثلا المخلص بالطريقة التي يقوم بها الشمامسة بذلك. هذا الشماس الذي كان يمتلك جسدا لا يعرف الضعف كان الآن مكدوماً ومكسوراً ومتمزقاً يعاني طواعية كي يخدم من خلال حمل رموز كفارة المخلص إلى حياتهم.

عندما رأينا كيف توصل تانر إلى التفكير في كونه شماسًا، جعل ذلك تفكيرنا عن القربان مختلفا أيضًا، وكذلك تفكيرنا عن المخلص والشمامسة والمعلمين والكهنة.

إني لأتساءل عن المعجزة غير المعلنة التي دفعته إلى الاستجابة بشجاعة لذلك النداء الصغير للخدمة ، وعن قوة وقدرة شبابنا اليافع عندما يحثون أنفسهم للاستجابة لدعوة النبي للمشاركة في كتائب الله والانضمام إلى أعمال الخلاص والإعلاء.

في كل مرة يمسك فيها شماس صينية القربان نتذكر القصة المقدسة عن العشاء الأخير وجثسيماني والجلجثة وضريح المسيح. عندما قال المخلص لرسله ”افعلوا هذا تذكراً لي“١ فإنه كان يتوجه بكلامه إلى كل واحد منا في كل الازمنة. كان يتحدث عن المعجزة اللامتناهية التي سيقدمها لنا عندما يقدم الشماسون والمعلمون والكهنة المستقبليون رموز جسده ودمه ويدعون أبناءه وبناته لقبول هبة كفارته.

جميع رموز مراسم القربان توجهنا إلى تلك الهِبة. نحن نتفكر في الخبر الذي كسره ذات مرة والخبز الذي يكسره الكهنة أمامنا اليوم. ونفكر في معنى السائل المكرس، حينئذ والآن، بينما تُتلى كلمات صلاة القربان رسمياً بأفواه هؤلاء الكهنة الشباب لتدخل قلوبنا وتدخل السماء مجددة لعهود تصل ما بيننا وبين قوة خلاص المسيح. يمكننا أن نفكر في معنى أن يحمل شماس تلك الرموز المقدسة إلينا واقفاً في ذات الموضع حيث كان يسوع سيقف لو كان موجوداً بيننا عارضاً علينا أن يحمل عنا همومنا ويشفي آلامنا.

لحسن الحظ فإنه ليس من الضروري أن يمرض شبابنا وشاباتنا كي يستطيعوا اكتشاف البهجة الناجمة عن تقديم الخدمة للمخلص والغرض منها .

علمنا الشيخ ديفد إ. بدنار أنه كي ننمو روحيا ونصبح كالمبشرين فإن علينا أن نفعل ”ما يفعله المبشرون، كلمة فكلمة ووصية فوصية … وعندئذ سيمكننا بالتدريج أن نصبح المبشرين … الذين يريدهم الرب“.٢

وبالمثل، إذا أردنا ”أن نكون مثل يسوع“،٣ فعلينا أن نفعل ما يفعله يسوع، وفي جملة واحدة مذهلة، يشرح الرب عمله: يقول الرب ”هذا هو عملي ومجدي — تحقيق الخلود والحياة الأبدية للإنسان“.٤

إن مهمة المخلص كانت دوما وأبدا هي خدمة أبيه السماوي من خلال تخليص أبنائه.

وأضمن طريقة للعثور على البهجة في المسيح هي الانضمام إليه في مساعدة الآخرين.

هذه هي الحقيقة البسيطة التي ألهمت برنامج الأطفال والشبيبة.

تهدف جميع أنشطة برنامج الأطفال والشبيبة إلى مساعدة اليافعين على أن يصبحوا أكثر تشبها بيسوع عند انضمامهم إليه في أعمال الخلاص والإعلاء.

إن برنامج الأطفال والشبيبة هو أداة لمساعدة كل طفل في المرحلة الابتدائية على النمو في التلمذة واكتساب رؤية إيمانية كاملة لما يبدو عليه درب السعادة في الحياة. يمكنهم أن يتوقعوا ويتشوقوا إلى المحطات والعلامات على درب العهد حيث يحصلون على المعمودية ويُثبتون بهبة الروح القدس ثم بعد ذلك بفترة ينضمون إلى صفوف روابط الكهنوت والشابات، حيث سيشعرون ببهجة مساعدة الغير من خلال أعمال متعاقبة من الخدمة المسيحية. سيضعون أهدافًا ، كبيرة وصغيرة ، ستمنحهم التوازن في حياتهم وتساعدهم على أن يصبحوا أكثر شبهاً بالمخلص. مؤتمرات قوة الشباب والمجلات والمؤتمرات الشبابية ومجلة الصديق والتطبيق الإلكتروني ”عيش الانجيل“، هذه كلها ستساعدهم على أن يركزوا في حياتهم على العثور على البهجة في المسيح. سوف ينتظرون بشغف بركات حمل تصريح دخول الهيكل ذا الاستخدام المحدود ، والشعور بروح إيليا من خلال تأثير الروح القدس أثناء سعيهم للحصول على بركات الهيكل وتاريخ العائلة. سوف يسترشدون بالبركات البطريركية. وبمرور الوقت ، سيجدون أنفسهم متوجهين إلى الهياكل ليستمدوا القوة ويجدوا البهجة ويتواصلوا مع عائلاتهم إلى الأبد - الماضي والحاضر والمستقبل.

وفي ظل كافة الصعاب التي تعترضنا من أوبئة وكوارث، فلا يزال تحقيق الهدف الكامل لبرنامج الأطفال والشبيبة الجديد عملاً قيد التنفيذ — ولكن هناك ضرورة ملحة. لا يستطيع شبيبتنا الانتظار حتى يصلح العالم نفسه قبل أن يتعرفوا على المخلص. حتى في الوقت الحالي يتخذ بعضهم قرارات لم يكونوا سيتخذونها لو أدركوا هوياتهم الحقيقية — وهويته.

وهكذا فإن النداء الطارئ الصادر من كتائب الله التي تخضع لتدريبات مصيرية هو ”ليكن الجميع على أهبة الاستعداد!“

أيها الأمهات والآباء، يحتاج أبناؤكم أن تدعموهم الآن بحماس تماما كما كنتم تفعلون في الماضي عندما كانت حياتهم تتعلق بأمور أقل أهمية كالنياشين وميداليات المسابقات المدرسية. أيها الأمهات والآباء والكهنة وقادة الشابات، إذا كان شبيبتكم يواجهون تحديات، فإن برنامج الأطفال والشبيبة سيساعد في جلبهم إلى المخلص ، وسيحقق لهم المخلص السلام.٥

يا رؤساء الروابط والصفوف ، تقدموا واحتلوا موقعكم الصحيح في عمل الرب.

أيها الأساقفة، اربطوا مفاتيحكم بمفاتيح رؤساء الروابط، وستتغير روابطكم — وأجنحتكم في الكنيسة — إلى الأبد.

وأنتم أيها الجيل الصاعد، أشهد لكم، بحكم علمي اليقين ، أنكم أبناء وبنات الله الأحباء ، وأن لديه عملا لكم لتؤدوه.

عندما ترتقون بأنفسكم إلى جلال مواقع خدمتكم ، بكل قلوبكم وقدرتكم وعقلكم وقوتكم ، فستحبون الله وستحفظون عهودكم وستثقون بكهنوته وأنتم تعملون على مباركة الآخرين ، بدءًا من منازلكم.

أصلي من أجل أن تجتهدوا ، بِطاقَةٍ مضاعفة، مناسبة لهذه المرحلة التاريخية، للخدمة، وممارسة الإيمان، والتوبة، والتحسن كل يوم، للتأهل للحصول على بركات الهيكل والبهجة الدائمة التي تأتي فقط من خلال إنجيل يسوع المسيح. أصلي أن تستعدوا لتصبحوا كل مبشر دؤوب أو زوج مخلص أو زوجة مخلصة أو أبا محبا أو أما مُحِبة ، وقد وُعدتم بأنكم قد تصبحوا في النهاية تلاميذًا حقيقيين ليسوع المسيح.

لعلكم تساعدوا في إعداد العالم لعودة المخلص بدعوة الجميع للإقبال إلى المسيح وتلقي بركات كفارته. باسم يسوع المسيح، آمين.

ملاحظات

  1. لوقا ٢٢: ١٩.

  2. DavidA. Bednar, “Becoming a Missionary,” Liahona, Nov. 2005, 46.

  3. ”أحاول أن أكون مثل يسوع ؛ أنا أتبعه في طرقه. أحاول أن أحب كما فعل ، في كل ما أفعله وأقوله“ (”أنا أحاول أن أكون مثل يسوع“، كتاب أغاني الأطفال، 78).

  4. موسى ١‏:٣٩.

  5. أنا شخصياً أعرب عن تقديري للآباء والقادة المتفانين عبر تاريخنا الذين ساعدوا الشباب ببسالة على تحقيق النمو. أقر بأن جهود برنامج الأطفال والشبيبة الجديد تدين بالكثير لكل نشاط وبرنامج إنجاز سبقها.

بذل كل جهد في هذا العمل العظيم

 


بذل كل جهد في هذا العمل العظيم

يجب أن نتذكر دائماً الثمن الذي دفعه جوزف وهايرم سميث، إلى جانب الكثير من الرجال والنساء والأطفال المؤمنين من أجل تأسيس الكنيسة.

شكراً جزيلاً أيها الرئيس على هذا الافتتاح الرائع. أيها الإخوة والأخوات، قبل مئتي وخمسة عشر عامًا، وُلِدَ طفل صغير لجوزف ولوسي ماك سميث في فيرمونت في منطقة تُعرف باسم نيو إنغلاند في شمال شرق الولايات المتحدة.

آمن جوزف ولوسي ماك بيسوع المسيح، ودرسا الكتب المقدسة، وصلّيا بصدق، وعاشا مؤمنين بالله.

سميا ابنهما الجديد جوزف سميث الابن.

قال بريغهام يونغ عن عائلة سميث: ”كانت عينا الرب على [جوزيف سميث] وعلى أبيه وعلى والد أبيه وعلى أسلافهم الذين تعود أصولهم إلى إبراهيم ومن إبراهيم إلى الطوفان ومن الطوفان إلى أخنوخ ومن أخنوخ إلى آدم. لقد راقب تلك الأسرة وتلك الدماء التي جرت من ينبوعها إلى ولادة ذلك الرجل. [جوزف سميث] كان مُعَيّنا لدعوته منذ الأزل.“۱

كان جوزف الابن محبوباً من عائلته وقريبًا بشكل خاص من شقيقه الأكبر هايرم، الذي كان عمره تقريباً ست سنوات عندما وُلد جوزف.

جلستُ في تشرين أول الماضي بجوار حجر الموقد الذي كان في منزل سميث الصغير في شارون، فيرمونت، حيث ولد جوزف. شعرت بحب هايرم لجوزف وفكرت في حمله لأخيه الصغير بين ذراعيه وتعليمه كيفية المشي.

عانى الأب والأم سميث من انتكاسات شخصية، مما اضطرهما إلى نقل عائلتهما عدة مرات قبل التخلي أخيرًا عن العيش في منطقة نيو إنجلاند واتخاذ القرار الشجاع للانتقال إلى منطقة أبعد نحو الغرب إلى ولاية نيويورك.

ولأن العائلة كانت متحدة، فقد نجوا من هذه التحديات وواجهوا معًا مهمة شاقة تتمثل في بدء حياتهم مرة أخرى على قطعة أرض مساحتها مائة فدان (٠,٤ كم٢) مغطاة بالأشجار في مانشستر، بالقرب من بالميرا، نيويورك.

لست متأكدا من أن الكثيرين منا يدركون التحديات الجسدية والعاطفية التي سببها البدء من جديد لعائلة سميث من تنظيف الأرض، وزراعة البساتين والحقول، وبناء منزل خشبي صغير ومبانٍ أخرى للمزرعة، والعمل كعمال مياومة، وصنع السلع المنزلية للبيع في المدينة.

في الوقت الذي وصلت فيه العائلة إلى غرب نيويورك، كانت المنطقة مشتعلة بالحماس الديني المعروف باسم الصحوة الكبرى الثانية.

خلال هذه الفترة من النقاش والصراع بين الجماعات الدينية، حصل جوزف على رؤيا عجيبة، تعرف اليوم بالرؤيا الأولى. إننا مباركون لامتلاكنا أربع روايات أصلية والتي سوف أقتبس منها.٢

كتب جوزف: ”وفي هذه الفترة الشديدة الاضطراب [دينياً]، أمعن ذهني في تأملات جادّة وقلق عظيم؛ ورغم أن مشاعري كانت عميقة بل حادّة في كثير من الأحيان، فإنني ترفعت عن هذه الفئات جميعاً واجتنبتُها، مع أنني كنت أحضر اجتماعاتها العديدة كما سمحت لي الفرصة. … ولكن البلبلة والخصام بين الطوائف المختلفة كانا من الشدة بحيث استحال على إنسان في سني الصغيرة تلك، قليل الخبرة بالناس والحياة، أن يميز في يقين أو ما يشبه اليقين بين من كانوا على حق ومن كانوا على باطل.“۳

لجأ جوزف إلى الكتاب المقدس ليجد إجابات لأسئلته وقرأ يعقوب ١: ٥: ”وإنَّما إنْ كانَ أحَدُكُمْ تُعوِزُهُ حِكمَةٌ، فليَطلُبْ مِنَ اللهِ الّذي يُعطي الجميعَ بسَخاءٍ ولا يُعَيِّرُ، فَسيُعطَى لهُ.“٤

كتب جوزف: ”لم يجد إنسانٌ قط لآية من آيات الكتاب المقدس وقعاً في قلبه يفوق ما كان لهذه الآية من وقع في قلبي حينذاك. فقد خُيّلَ إليَّ أنه نفذت في قوة صاعقة إلى كل جارحة من جوارح فؤادي. وتأملتها المرة بعد المرة.“٥

أدرك جوزف أن الكتاب المقدس لم يتضمن جميع الإجابات على أسئلة الحياة. بدلاً من ذلك، عَلّمَ الرجال والنساء كيف يمكنهم العثور على إجابات لأسئلتهم من خلال التواصل مباشرة مع الله من خلال الصلاة.

وأضاف: ”وبناءً على هذا القرار- أي أن أطلب من الله- قصدتُ إلى غابة لأسعى في تحقيق غايتي. حدث ذلك في صباح يوم فاتن مشرق في أوائل فصل الربيع من عام ١٨٢٠“.٦

وبعد ذلك بقليل، قال جوزف أنّه: ”استقرَّ عليَّ [عمود النور] [و]رأيتُ شخصين يقصر عن تَألُّقِهما ومجدهما الوصف، قد وقفا من فوقي في الفضاء. وناداني أحدهما باسمي قائلاً وهو يشير إلى الآخر: [جوزف] هذا هو ابني الحبيب. اسمع له!۷

ثم قال المخلّص: ”جوزف، ابني، لقد غفرت ذنوبك. اذهب في طريقك، اسلك في فرائضي، واحفظ وصاياي. ها أنا رب المجد. لقد صُلبتُ من أجل العالم، كي يكون لجميع أولئك الذين يؤمنون باسمي الحياة الأبدية.“۸

أضاف جوزف: ”لذا فلم أكد أملك أمري وأقوى على الكلام حتى سألت الشخصين الواقفين من فوقي وسط النور، أي من الطوائف جميعًا كان على حقّ.“۹

ويتذكر قائلاً: ”قالا لي أن جميع الطوائف الدينية تؤمن بعقائد غير صحيحة، وأنه لم يعترف بأي منها ككنيسة الله وملكوته. و … في نفس الوقت استلمت وعداً بأن ملء الإنجيل سيُعلن لي في وقت ما في المستقبل.“١٠

سجّل جوزف أيضًا: ”رأيت العديد من الملائكة في هذه الرؤيا۱۱

بعد هذه الرؤيا المجيدة، كتب جوزف: ”كانت روحي عامرة بالحب، واستطعت أن أبتهج بفرح عظيم لعدة أيام. … فلقد كان الرّبّ معي.“۱۲

لقد خرج من البستان المقدس ليبدأ استعداده كي يصبح نبيًا لله.

بدأ جوزف أيضًا يتعلم ما عاشه الأنبياء القدماء—الرفض والمعارضة والاضطهاد. يتذكر جوزف مشاركة ما شاهده وسمعه مع أحد الكهنة الذين كانوا نشطاء في الحركة الدينية:

”لقد فوجئت كثيراً بسلوكه. ذلك أنه لم يستِخفَّ بما سردتُه فحسب، وإنما سخر منه كل السخرية واحتقره كل الاحتقار، وقال إن مصدره إبليس، وأنكر أن يكون في عصرنا رؤى، وزعم أن هذه الأشياء كلها قد زالت بعد عهد الرسل، وأنها قد مضت إلى غير رجعة.

وتبينتُ بعد قليل أن روايتي للقصة قد أحفظتْ عليَّ أساتذة الدين، وجرَّتْ عليَّ اضطهاداً أليماً صار يتزايد؛ … وتشابهتْ في ذلك الطوائفُ كلُّها، إذ اتحد الجميع ليضطهدوني.“۱۳

بعد ثلاث سنوات، في عام ١٨٢٣، انفتحت السماوات مرة أخرى كجزء من الاستعادة المستمرة لإنجيل يسوع المسيح في الأيام الأخيرة. سجّل جوزف أن ملاكًا، اسمه موروني، ظهر له وقال: ”بأن الله قد أعدَّ لي مهمة يجب إنجازها، … [وأن هناك] كتابا منقوشا على صفائح ذهبية، وهو يحتوي على ملء الإنجيل الأبدي الذي علَّمه المخلص لهؤلاء السكان القدماء [للقارة الأمريكية].“14

في نهاية المطاف، حصل جوزف على السجل القديم، وترجمه ونشره، والمعروف اليوم باسم كتاب مورمون.

شقيقه هايرم، الّذي كان الداعم الدائم له، خاصة بعد عملية ساقه المؤلمة التي هددت حياته في عام ١٨١٣، وكان أحد شهود الصفائح الذهبية. كان أيضًا أحد الأعضاء الستة في كنيسة يسوع المسيح عندما نُظِّمت في عام ١٨٣٠.

خلال حياتهما، واجه جوزف وهايرم الرعاع والاضطهاد معًا. مثلا، وُضِعا، في أسوأ الظروف، في سجن ليبرتي في ميزوري لمدة خمسة أشهر خلال الشتاء البارد في عامي ١٨٣٨- ١٨٣٩.

في شهر نيسان/إبريل من عام ١٨٣٩، كتب جوزف لزوجته إيما يصف حالتهما في سجن ليبرتي: ”أعتقد أنه قد مضى الآن حوالي خمسة أشهر وستة أيام تحت إمرة الحارس المتجهم ليلا ونهارا، وبين الجدران والحواجز المعدنية وصرير الأبواب الحديدية، في سجن منعزل وقذر ومظلم … سننتقل من هذا [المكان] وبأي حال من الأحوال نحن مسروران لذلك. مهما يحصل فإننا لن ندخل حفرة أسوأ من هذه. … لن نتمنى العودة أبداً إلى ليبرتي في مقاطعة كلاي بولاية ميزوري. ما عرفناه منها سيكفينا إلى الأبد.“١٥

أظهر هايرم الثقة بوعود الرب، في مواجهة الاضطهاد. بما في ذلك ضمان الهروب من أعدائه إذا اختار ذلك. في البركة التي تلقاها هايرم عام ١٨٣٥ تحت يد جوزف سميث، وعده الرّبّ: ”ستكون لك القدرة على الهروب من يد أعدائك. سوف يطلبون حياتك بلا هوادة، لكنك ستفر. إذا كان ذلك ما يسرّك، ورغبتك، فستمتلك القدرة على التخلي طوعاً عن حياتك من أجل تمجيد الله“.١٦

في حزيران/يونيو ١٨٤٤، عُرض على هايرم خيار العيش أو التخلي عن حياته لتمجيد الله ولكي ”يختم شهادته بدمه“—جنبا إلى جنب مع أخيه الحبيب جوزف.۱۷

قبل أسبوع من الرحلة المشؤومة إلى كارثيج حيث قُتلا بدم بارد على يد حشد مُسلّح من الجبناء الذين قاموا بطلاء وجوههم لتجنب اكتشافهم، كتب جوزف: ”نصحت أخي هايرم بأخذ عائلته في الباخرة التالية والذهاب إلى مدينة سنسيناتي.“

ما زلت أشعر بعاطفة جياشة عندما أتذكر رد هايرم: ”جوزف، لا يمكنني تركك.۱۸

فذهب جوزف وهايرم إلى كارثيج، حيث استشهدا من أجل قضية المسيح واسمه.

جاء في الإعلان الرسمي عن الاستشهاد ما يلي: ”وبالنسبة إلى جوزف سميث النبي ورائي الرب فقد فعل ما هو أكثر، عدا يسوع المسيح فقط، لخلاص الإنسان في العالم مما فعله أي إنسان عاش فيه. ففي فترة قصيرة تقدر بعشرين سنة قد أوجد كتاب مورمون الذي تَرْجَمَهُ بموهبة الله وقوته وجعله يُنشر في قارتين؛ كما أرسل ملء الإنجيل الأزلي، الذي يحتويه، إلى أركان الأرض الأربعة؛ وأتى بالرؤى والوصايا التي تُكَوِّن هذا الكتاب ”المبادئ والعهود“ والكثير من الوثائق الحكيمة والتعليم لمنفعة بني البشر؛ وجمع آلافاً كثيرة من قديسي الأيام الأخيرة كما أسس مدينة عظيمة تاركاً شهرة واسماً لا يمكن محوهما. … ومثل معظم الذين مسحهم الرب في العصور القديمة، [جوزف] ختم إرساليته ومهمته بدمه؛ وهكذا شقيقه هايرم. . ففي حياتهما لم ينفصلا وفي الموت لم يفترقا!۱۹

بعد الاستشهاد، تم إعادة جثتي جوزف وهايرم إلى نوفو وغسلهما وتلبيسهما حتى تتمكن عائلة سميث من رؤية حبيبيهم. تتذكر أمهما الغالية: ”لقد ضبطت أعصابي لفترة طويلة واستجمعت كل طاقة روحي، وطلبت من الله أن يقويني؛ ولكن عندما دخلت الغرفة ورأيت ابنيّ القتيلين ممددين أمام عيني في وقت واحد. وسمعت تنهدات وأنين عائلتي وبكاء شفاه زوجتيهما وأطفالهما وإخوانهما وأخواتهما، كان ذلك كثيرًا . عدت لأبكي صارخةً للرب في عذاب روحي: “يا إلهي! يا إلهي! لماذا تخليت عن هذه العائلة؟““٢٠

في تلك اللحظة من الحزن والضيق، تذكرتهما يقولان: ”أمي، لا تبكي من أجلنا، لقد تغلّبنا على العالم بالحب.“۲۱

لقد تغلبا على العالم حقّاً. جوزف وهايرم سميث مثل هؤلاء القديسين المخلصين الموصوفين في سفر الرؤيا: ”أَتوْا مِنَ الضّيقَةِ العظيمَةِ، وقَدْ غَسَّلوا ثيابَهُمْ وبَيًّضوا ثيابَهُمْ في دّمِ الخَروفِ … [و] هُم أمامَ عَرشِ اللهِ، ويَخدِمونَهُ نهاراً وليلاً في هَيكِلِهِ، والجالسُ علَى العَرشِ يَحِلُّ فوقَهُمْ.

لن يَجوعوا بَعدُ، ولَنْ يَعطَشوا بَعدُ، ولا تقَعُ علَيهِمِ الشَّمسُ ولا شَيءٌ مِنَ الحَرِّ.

”لأنَّ الخَروفَ الّذي في وسَطِ العَرشِ يَرعاهُمْ، ويَقتادُهُمْ إلَى يَنابيعِ ماءٍ حَيَّةٍ، ويَمسَحُ اللهُ كُلَّ دَمعَةٍ مِنْ عُيونِهِمْ“.۲۲

بينما نحتفل بهذه المناسبة البهيجة، الذكرى السنوية الـ ٢٠٠ للرؤية الأولى، يجب أن نتذكر دائمًا الثمن الذي دفعه جوزف وهايرم سميث، إلى جانب الكثير من الرجال والنساء والأطفال المؤمنين الآخرين من أجل تأسيس الكنيسة حتى نستمتع أنا وأنتم بالبركات العديدة والحقائق المعروفة التي لدينا اليوم. يجب ألا ننسى إخلاصهم!

كثيراً ما تسألت لماذا كان على جوزف وهايرم وعائلاتهما أن يعانوا بشدة. ربما أنهم عرفوا الله من خلال معاناتهم بطرق لم تكن لتحدث لولاها. من خلالها تأملوا في جثسيماني وصليب المخلص. كما قال بولس: ”لأنَّهُ قد وُهِبَ لكُمْ لأجلِ المَسيحِ لا أنْ تؤمِنوا بهِ فقط، بل أيضاً أنْ تتألَّموا لأجلِهِ“.۲۳

قبل وفاته في عام ١٨٤٤، كتب جوزف رسالة حماسية للقديسين. لقد كانت دعوة للعمل، وتستمر اليوم في الكنيسة:

أيها الإخوة [والأخوات]، هل سنتوقف في هذا الهدف العظيم؟ إلى الأمام وليس إلى الوراء. تشجعوا أيها الإخوة [والأخوات]؛ وهيا بنا إلى النصر! …

فلنقدم للرب تقدمة بالبر ككنيسة وكشعب وكقديسي الأيام الأخيرة“.٢١

أثناء استماعنا إلى الروح خلال الاحتفال بالذكرى السنوية المئتين في نهاية هذا الأسبوع، فكروا في ما تقدمونه للرب في البر في الأيام المقبلة. تحلُّوا بالشجاعة—شاركوها مع شخص تثقون به، والأهم من ذلك، يرجى تخصيص الوقت للقيام بذلك!

أعلم أن المخلّص يفرح عندما نقدم له تقدمة من قلوبنا في البر، تمامًا كما فَرِحَ بالتقدمة المخلصة لهذين الأخين المميزين، جوزف وهايرم سميث، وجميع القديسين المخلصين الآخرين. وأشهد بذلك بمهابة باسم ربنا العظيم والمقدس يسوع المسيح، آمين.

قلوب مرتبطة في برٍّ ووحدة


 

قلوب مرتبطة في برٍّ ووحدة

خلال هذه النقطة المفصلية في تاريخ الكنيسة، السنة المئتين من تاريخها، دعونا نُلزِم أنفسنا كأعضاء في كنيسة الرب بأن نعيش ببرٍّ ووحدة أكثر من أي وقت مضى.

البرّ والوحدة مهمان للغاية.١ عندما يحب الناس الله من كل قلوبهم ويسعون ببرٍّ كي يصبحوا مثله، يقل الصراع والخلاف في المجتمع. وتزداد الوحدة. تعجبني قصة من الواقع تجسد ذلك.

عندما كان الجنرال توماس ل. كين شابا، ولم يكن ينتمي إلى ديانتنا، ساعد القديسين ودافع عنهم عندما طُلب منهم مغادرة مدينة نافو. كان مدافعًا عن الكنيسة لسنوات عديدة.٢

في عام ١٨٧٢، سافر الجنرال كين وزوجته الموهوبة، إليزابيث وود كين وابناهما من منزلهما في ولاية بنسلفانيا إلى مدينة سولت ليك. رافقوا بريغهام يونغ ورفاقه في الرحلة جنوبا إلى مدينة سانت جورج بولاية يوتا. بدأت إليزابيث زيارتها الأولى إلى ولاية يوتا مع تحفظات على النساء. تفاجأت ببعض الأشياء التي تعلمتها. مثلاً، وجدت أن أي وظيفة يمكن للمرأة من خلالها كسب لقمة العيش مفتوحة لهن في ولاية يوتا. ٣ وجدت أيضًا أن أعضاء الكنيسة كانوا لطفاء ومتفاهمين مع الأمريكيين الأصليين.٤

خلال الرحلة مكثوا في مدينة فيلمور في منزل توماس ر. وماتيلدا روبيسون كينغ.٥

كتبت إليزابيث أنه بينما كانت ماتيلدا تعد وجبة للرئيس يونغ وأصحابه، دخل خمسة هنود أمريكيين إلى الغرفة. على الرغم من عدم دعوتهم كان من الواضح أنهم يتوقعون الانضمام إلى المجموعة. تحدثت الأخت كينغ معهم "بلهجتهم". ثم جلسوا مع بطانياتهم ونظرة رضى على وجوههم. سألت إليزابيث أحد أطفال عائلة كينغ: "ماذا قالت أمك لهؤلاء الرجال؟"

كان رد ابن ماتيلدا "قالت، هؤلاء الغرباء جاءوا أولاً، وأنا طبخت فقط ما يكفيهم؛ لكن وجبتكم تطبخ على النار الآن، وسأدعوكم بمجرد أن تصبح جاهزة ".

سألت إليزابيث: "هل ستفعل ذلك حقًا، أم ستعطيهم بعض البقايا فقط عند باب المطبخ؟"٦

أجاب ابن ماتيلدا: "سوف تخدمهم أمي تمامًا كما تخدمكم وسوف تمنحهم مكانًا على مائدتها".

فعلت ذلك، و "لقد أكلوا بلباقة كاملة". وشرحت إليزابيث أن هذا غيَّر رأيها بالمضيفة كلياً.٧ تتعزز الوحدة عندما يُعامَل الناس بكرامة واحترام على الرغم من اختلافهم في الخصائص الخارجية.

كقادة، لا نتوهم أن جميع العلاقات كانت مثالية في الماضي، وأن كل سلوك كان يشبه سلوك المسيح، أو أن جميع القرارات كانت عادلة. ومع ذلك، فإن ديانتنا تعلمنا، أننا جميعًا أبناء أبينا في السماء، نعبده مع ابنه يسوع المسيح الذي هو مخلصنا. رغبتنا أن تترابط قلوبنا وعقولنا في البر والوحدة، وأن نكون واحدًا معهما.٨

إنّ البرّ مصطلحٌ شامل وواسع ولكنه يشمل بكل تأكيد العيش وفقاً لوصايا الله.٩ إنه يؤهلنا للمراسيم المقدسة التي تشكل درب العهد ويباركنا بتوجيه الروح القدس لحياتنا.١٠

لا يعتمد الصلاح على حصول كل منا على كل البركات في حياتنا في هذا الوقت. قد لا نكون متزوجين أو مباركين بأطفال أو بركات أخرى نرغب بها الآن. ولكن الرب وعد الصالحين الأمناء أنهم سوف "يَحِلُّونَ مَعَ اللهِ فِي حَالَةِ سَعَادَةٍ أَبَدِيَّةٍ".١١

الوحدة هي أيضًا مصطلح شامل وواسع، لكنه بكل تأكيد يمثل الوصيتين العظيمتين الأولى والثانية بأن نحبّ الله وإخوتنا في الإنسانية.١٢ إنها ترمز إلى شعب صهيون الذين تترابط قلوبهم وعقولهم معًا في وحدة.١٣

سياق رسالتي هو المقارنة واستعراض الدروس التي نتعلمها من النصوص المقدسة.

لقد مرت ٢٠٠ عام منذ أن ظهر الآب وابنه لأول مرة وشرعا في استعادة إنجيل يسوع المسيح في عام ١٨٢٠. تتضمن الرواية في سفر نافي الرابع من كتاب مورمون فترة مماثلة مدتها ٢٠٠ عام بعد ظهور المخلص وتأسيس كنيسته في أميركا القديمة.

يصف السجل التاريخي في سفر نافي الرابع شعب لم يكن بينهم حسد أو فتنة أو شغب أو مذابح أو قتل أو أي نوع من المجون. وبسبب هذا البرّ يذكر السّجل "… كَانُوا أَسْعَدَ الشُّعُوبِ الَّتي خَلَقَتْهَا يَدُ اللهِ".١٤

نقرأ في ٤ نافي  عن الوحدة "وَلَمْ يَحْدُثْ أَيُّ نِزَاعٍ فِي ٱلْبِلادِ لأَنَّ مَحَبَّةَ ٱللهِ ٱسْتَقَرَّتْ فِي قُلُوبِ ٱلشَّعْبِ".١٥

بعد ذلك ولسوء الحظ يصف ٤ نافي تغييراً جذرياً بدأ في "السَّنَةِ الْمِئَتَيْنِ وَالْأُولَى"١٦ عندما دمر الشّرّ والانقسام البر والوحدة. كانت أعماق الفساد الأخلاقي التي حدثت بعد ذلك شريرة للغاية لدرجة أن النبي العظيم مورمون يندب وهو يوجه حديثه لابنه موروني:

"وَلٰكِنْ يَا ٱبْنِي، كَيْفَ يُمْكِنُ لِشَعْبٍ كَهٰذَا أَنْ يَكُونَ ٱبتِهَاجُهُ فِي كَثْرَةِ ٱلْأَرْجَاسِ —

"كَيْفَ يُمْكِنُنَا أَنْ نَتَوَقَّعَ أَنْ يُنْفِضَ ٱللهُ يَدَهُ عَنِ ٱلْحُكْمِ عَلَيْنَا؟" ١٧

في هذه الحقبة النبوية، على الرغم من أننا نعيش في زمن مميز، إلا أن العالم لا ينعم بالبر والوحدة الموصوفان في ٤ نافي. حقاً إننا نعيش في لحظة تتميز على وجه الخصوص بالانقسامات الشديدة . ومع ذلك، فإن الملايين الذين قبلوا إنجيل يسوع المسيح قد التزموا بتحقيق كل من البر والوحدة. ندرك جميعًا أنه يمكننا القيام بعمل أفضل، وهذا هو تحدينا في هذه الأيام. يمكن أن نكون قوة للسمو بالمجتمع ككل ومباركته. دعونا في هذه النقطة المفصلية، السنة المئتين من تاريخ كنيستنا، نلزم أنفسنا كأعضاء في كنيسة الرب بأن نعيش ببرٍّ ووحدة كما لم يحدث من قبل. طلب منّا الرئيس رسل م. نلسن "إظهار قدر أكبر من اللطف والانسجام العرقي والاحترام المتبادل ".١٨ هذا يعني أن نحب بعضنا البعض ونحب الله ونقبل الجميع كأخوة وأخوات وأن نكون حقًا شعب صهيون.

من خلال عقيدتنا الشاملة للجميع، يمكننا أن نكون واحة للوحدة ونحتفل بالتنوع. الوحدة والتنوع ليسا نقيضين. يمكننا تحقيق قدر أكبر من الوحدة بينما نعزز مناخًا من الشمول واحتراماً للتنوع. خلال فترة خدمتي في رئاسة وتد سان فرانسيسكو في كاليفورنيا، كان لدينا تجمعات ناطقة باللغات الإسبانية والتونغية والساموية والتاغالوغية والماندرين الصينية. وكانت أجنحتنا الناطقة باللغة الإنكليزية مؤلفة من أشخاص من خلفيات عرقية وثقافية عديدة. كان هناك محبة وبرّ ووحدة.

يتم تحديد الأجنحة والفروع في كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة من خلال الجغرافيا أو اللغة،١٨ وليس العرق أو الثقافة. لا يُحدد العرق في سجلات العضوية.

في بدايات كتاب مورمون، قبل ٥٥٠ عامًا تقريباً من ولادة المسيح، نتعلم الوصية الأساسية المتعلقة بالعلاقة بين أبناء الآب السماوي. على الجميع أن يحفظوا وصايا الرب، والجميع مدعوون للمشاركة في صلاح الرب. "وَلَا يَحْرِمُ أًحَدًا يُقْبِلُ إِلَيْهِ: أَبْيَضَ كَانَ أَمْ أَسْوَدَ، عَبْدًا كَانَ أَمْ حُرًّا، ذَكَرًا كَانَ أَمْ أُنْثَى؛ وَهُوَ يَذْكُرُ الْوَثَنِيِّينَ؛ وَالْجَمِيعُ عِنْدَهُ سَوَاءٌ مِنْ يَهُودٍ وَأُمَمٍ.".٢٠

لقد أعلنت خدمة المخلص ورسالته باستمرار أن البشر من جميع الأجناس والألوان هم أبناء الله. نحن جميعا إخوة وأخوات. نؤمن في عقيدتنا أن دستور البلد المستضيف للاستعادة، الولايات المتحدة، ٢١والوثائق المتعلقة به،٢٢ التي كتبها أشخاص غير كاملين بإلهام من الله ليبارك كل الناس. كما نقرأ في المبادئ والعهود، أنّ هذه الوثائق "[أُسسَت] ويجب أن تصان لحفظ حقوق كل فردوحمايته حسب المبادئ المقدسة والعادلة".٢٣ اثنان من هذه المبادئ هما حرية الاختيار ومسؤولية المرء عن خطاياه. أعلن الربّ:

"لا يجوز أن يكون أي فرد عبداً لآخر.

ولهذا السبب قد أسست دستور هذه الأرض على يد رجال حكماء أقمتهم لهذا الغرض بالذات وفديت الأرض بسفك الدماء".٢٤

تم تلقي هذا الوحي في عام ١٨٣٣ عندما كان القديسون في ميزوري يعانون من اضطهاد شديد. نقرأ في جزء من عنوان القسم ١٠١ من المبادئ والعهود "فقد طردهم الرعاع من بيوتهم في مقاطعة جاكسون. … وكان هناك تهديدات كثيرة بقتل أفراد الكنيسة".٢٤

كان هذا وقت توتر على عدة جبهات. اعتبر العديد من سكان ميزوري الأمريكيين الأصليين عدوًا لا هوادة فيه وأرادوا إبعادهم عن الأرض. بالإضافة إلى ذلك، كان العديد من مستوطني ميزوري من مالكي العبيد وشعروا بالتهديد من قبل أولئك الذين يعارضون العبودية.

وعلى النقيض كانت عقيدتنا تحترم الأمريكيين الأصليين وكانت رغبتنا أن نُعلّمهم إنجيل يسوع المسيح. فيما يتعلق بالعبودية، أوضحت كتبنا المقدسة أنه لا ينبغي لأحد أن يكون في عبودية للآخر.٢٦

في النهاية، طُرِدَ القديسون بعنف من ميسوري٢٧ ثم أجبروا على الانتقال إلى الغرب.٢٨ ازدهر القديسون ووجدوا السلام الذي يرافق البر والوحدة وعيش إنجيل يسوع المسيح.

أبتهج بصلاة المخلص الشفاعية المسجلة في إنجيل يوحنا. أقرَّ المخلص بأن الآب قد أرسله وأنه، المخلص، قد أتم العمل الذي أُرسل للقيام به. ثم صلَّى من أجل تلاميذه ومن أجل من سيؤمنون بالمسيح: "ليكونَ الجميعُ واحِداً، كما أنَّكَ أنتَ أيُّها الآبُ فيِّ وأنا فيكَ، ليكونوا هُم أيضاً واحِداً فينا".٢٩ الوحدة هي ما صلّى المسيح من أجلها قبل خيانته وصلبه.

سُجل في السنة الأولى من استعادة إنجيل يسوع المسيح في القسم ٣٨ من المبادئ والعهود، يتحدث الرب عن الحروب والشر ويعلن: "فإن لم تكونوا واحداً فإنكم لستمْ لي".٣٠

تأتي ثقافة كنيستنا من إنجيل يسوع المسيح. إن رسالة الرسول بولس إلى أهل رومية بليغة.٣١ كانت الكنيسة الأولى في روما مؤلفة من اليهود والأمم. كان لهؤلاء اليهود الأوائل ثقافة يهودية و "نالوا تحررهم وبدأوا في التكاثر والازدهار".٣٣

وكان للأمم في روما ثقافة ذات تأثير هلنستي كبير، وهو ما فهمه الرسول بولس جيدًا بسبب تجاربه في أثينا وكورنثوس.

يضع بولس إنجيل يسوع المسيح بطريقة شاملة. يؤرخ الجوانب ذات الصلة بكل من اليهودية وثقافة الأمم٣٣ التي تتعارض مع إنجيل يسوع المسيح الحقيقي. يطلب من كل منهم بشكل أساسي أن يترك وراءه العوائق الثقافية من معتقداتهم وثقافتهم التي لا تتفق مع إنجيل يسوع المسيح. يحث بولس اليهود والأمم على حفظ الوصايا، ومحبة بعضهم البعض، وأنّ البر يؤدي إلى الخلاص.٣٤

إن ثقافة إنجيل يسوع المسيح ليست ثقافة أممية أو ثقافة يهودية. لا تتحدد بلون البشرة أو المكان الذي يعيش فيه المرء. وفي حين أننا نبتهج بالثقافات المميزة، فإنه يجب أن نتخلى عن جوانب تلك الثقافات التي تتعارض مع إنجيل يسوع المسيح. غالبًا ما يأتي أعضاؤنا والمهتدون الجدد من خلفيات عرقية وثقافية متنوعة. إذا أردنا أن نتبع نصيحة الرئيس نلسن بجمع إسرائيل المشتتة، فسنجد أننا مختلفون مثل اليهود والأمم في زمن بولس. ومع ذلك يمكننا أن نتحد في حبنا ليسوع المسيح وإيماننا به. رسالة بولس إلى أهل رومية تؤسس مبدأ أننا نتبع ثقافة وعقيدة إنجيل يسوع المسيح. إنه نموذج لنا أيضاً اليوم.٣٥ مراسيم الهيكل توحدنا بطرق خاصة وتسمح لنا بأن نكون واحدًا بكل الأشكال الأبدية المهمة.

نحن نكرم أعضاءنا الرواد في جميع أنحاء العالم، ليس لأنهم كانوا كاملين ولكن لأنهم تغلبوا على المصاعب، وقدموا تضحيات، وتطلعوا إلى أن يكونوا مثل المسيح، وكانوا يسعون جاهدين لبناء الإيمان والاتحاد مع المخلّص. وحدتهم مع المخلص جعلتهم متحدين مع بعضهم البعض. هذا المبدأ صحيح اليوم بالنسبة لكم ولي.

الدعوة الواضحة لأعضاء كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة هي أن يجتهدوا ليكونوا شعب صهيون، لهم قلب واحد وعقل واحد ويعيشون في البر.٣٦

صلاتي كي نكون أبراراً ومتحدين وأن نركز بشكل كامل على خدمة وعبادة مخلصنا، يسوع المسيح، الذي أشهد عنه. باسم يسوع المسيح، آمين.