المشاركات الشائعة

مشاركة مميزة

مقدمة إلى كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة

  مكافحة الانحلال الروحي - وباؤنا العالمي ”مقدمة إلى كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة“  الرئيس رسل م. نلسن   أُلقي هذا الخطاب في ب...

السبت، 17 أكتوبر 2020

جهود الكنيسة لمكافحة المجاعة عالميا في زمن الكورونا

الأخت شارون يوبانك تحيي أحد أعضاء الكنيسة في بابوا غينيا الجديدة خلال زيارة لمنطقة المحيط الهادئ في أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٩. حقوق الصورة Intellectual Reserve Inc.
الأخت شارون يوبانك تحيي أحد أعضاء الكنيسة في بابوا غينيا الجديدة خلال زيارة لمنطقة المحيط الهادئ في أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٩. حقوق الصورة Intellectual Reserve Inc.من اليسار ، الأخت شارون يوبانك ، والدكتورة حفصة أحمد ، والأخت بيكي كرافن ، والأخت نولين أودجرز في صورة معًا بعد جولة في مسجد النور في كرايستشيرش ، نيوزيلندا ، في أكتوبر٢٠١٩. تصوير لنكولن ريد
من اليسار ، الأخت شارون يوبانك ، والدكتورة حفصة أحمد ، والأخت بيكي كرافن ، والأخت نولين أودجرز في صورة معًا بعد جولة في مسجد النور في كرايستشيرش ، نيوزيلندا ، في أكتوبر٢٠١٩. تصوير لنكولن ريد
الأخت يوبانك خلال مشاركتها في المنتدى صباح هذا اليوم
الأخت يوبانك خلال مشاركتها في المنتدى صباح هذا اليوم

 كلمة الأخت شارون يوبانك المستشارة الأولى في جمعية الإعانة في كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة في منتدى الأديان لمجموعة العشرين. ألقت الأخت يوبانك هذه الكلمة صباح اليوم.

الأخت شارون يوبانك

المؤتمر الافتراضي لمنتدى الأديان لمجموعة العشرين الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية
الجلسة العامة حول التزام الشبكات الدينية بالحد من مخاطر الكوارث

السبت ١٧ تشرين أول/أكتوبر ٢٠٢٠


أشكر زملائي على تعليقاتهم الرائعة اليوم. موضوع هذه الجلسة العامة هو التزام الشبكات الدينية بالحد من مخاطر الكوارث. سوف أتكلم عن الكيفية التي يمكن بها لتلك الشبكات الإيمانية أن تعزز في الواقع أفضل مشاعر التعاون في مجتمعاتنا بدلا من أسوأها. نعيش جميعًا حالة دراسية عالمية موضوعها هو فيروس الكورونا المستجد وآمل أن تكون ملاحظاتي الموجزة هذه عملية.

أريد أولاً أن أتناول موضوع الغذاء الأساسي وشبكة العلاقات التي تساعد في توفيره في حالة وقوع كارثة. 

مجاعة تلوح في الأفق

تصف آخر الإحصائيات الصادرة عن الأمم المتحدة غزوات الجراد الحادة في أواخر عام ٢٠١٩، والتصاعد السريع في الركود الاقتصادي العالمي المصاحب لأزمة فيروس الكورونا، وتدابير السلامة العامة المتخذة لمنع انتشار هذا الفيروس. ثم تذكر الإحصائيات أن ٢٦٥ مليون شخص يواجهون الآن انعداما حادا في الأمن الغذائي. يقارب هذا ضعف ما كان عليه في العام ٢٠١٩. أرجو ألا يبدو ما أقوله مبالغا فيه ولكننا إذا لم نعالج هذه الأزمة بشكل منسق فمن المتوقع لها أن تنمو لتصبح من بين أسوأ المجاعات في تاريخ البشرية.

لقد كانت استجابة جمعيات قديسي الأيام الأخيرة الخيرية لأزمة فيروس الكورونا وما صاحبها من أزمة غذائية هي الأكبر منذ تأسيسها قبل ٣٥ عاما. منذ بداية العام وحتى هذه اللحظة أطلقنا ٨٦٧ مشروعا منفصلا في ١٢٤ دولة. وبدون أي استثناء تقريبا فإن كل مشروع يعتمد على علاقات ثقة مع الحكومات والمجتمعات وأديان أخرى. لقد تطورت هذه العلاقات على مدى فترة طويلة من الزمن. أذكر هذا لأنه عندما تحل الكوارث بنا فإن شبكات العلاقات هذه تتعرض حتما لضغوط حادة. لذلك فإنه من الأفضل تطوير شبكات العلاقات المهمة هذه مبكرا والاعتناء بها بحرص.


شراكات إبداعية جديدة

ربما صُدمتم مثلي عندما رأيتم في وقت سابق من هذا العام متاجر فارغة وسلاسل إمداد تعطلت بسبب فيروس كورونا. ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن منتجي الألبان يتخلصون من ملايين الجالونات من الحليب كل يوم لأن البرامج المدرسية لم تكن تشتري الحليب. كان مزارعو البطاطس والبصل يدفنون محاصيلهم في الأرض لأن المطاعم لم تكن تشتريها. وكل ذلك خلال فترة تفجر فيها الجوع.  كانت سلاسل التوريد تتدهور ورزحت الشبكات الاجتماعية التقليدية تحت ضغوط هائلة.  ومع ذلك، فقد وجدت تلك الشبكات القديمة تركيبات جديدة خلاّقة. لم يكن هناك خبرة لدى المواطنين على مستوى القواعد الشعبية وطلاب الجامعات وغيرهم بما في ذلك جمعيات قديسي الأيام الأخيرة الخيرية، ولكن في مواجهة الأزمة بدأوا في شراء الحليب والبطاطس وغيرها من المنتجات الخام. أقمنا شراكات مع المنتجينمثلا، شاركنا صانع جبن محلي لننتج من الحليب جبنة سويسرية ذات مستوى مرتفع من البروتين. كما بدأت جمعيات قديسي الأيام الأخيرة الخيرية في شراء البطاطس ووضعها أسبوعيا في شاحنات للمواد الغذائية ونقلها إلى مخازن الطعام في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وجرى تجفيف فائض البطاطس والحليب لنقله إلى أماكن أخرى. أثبتت الشبكة القديمة أن بإمكانها ابتداع الحلول، وأظهرت الشراكات الجديدة ذكاءها وكان النجاح حليفنا.


الصيام كشكل من أشكال التضامن

مثل العديد من الأديان الأخرى فإن قديسي الأيام الأخيرة لديهم تقليد إيماني عميق فيما يتعلق بالصيام. في ديننا نمتنع عن تناول الطعام لمدة ٢٤ ساعة ونتبرع بالنقود التي كنا سننفقها على هذا الطعام كي يحصل الآخرون على الغذاء. أنا شخصيا أحب جمال هذا المبدأ الذي يسمح لأي شخص أن يساهم بالمقدار الذي يناسبه وأن يكون لهذه المساهمة تأثير حقيقي. في العاشر من أبريل/نيسان أعلن الرئيس رَسِل نِلسُن عن صيام عالمي ودعا كل المتدينين في العالم أن ينضموا إلينا في الابتهال إلى الله طالبين منه العون والغوث لكل من يعاني من جراء الجائحة. استقطبت هذه الدعوة الملايين من البشر الذين انضموا إلينا في هذه القضية الموحدة. لقد تلقيت عشرات من الرسائل وسأقتبس واحدة أرسلها لي أصدقائي في مؤسسة رحمة للغوث:


شكرا جزيلا على الدعوة للصيام. الصيام بالنسبة لنا هو تجربة رائعة وممارسة نقوم بها طوال شهر رمضان منذ شروق الشمس حتى غيابها، وسيبدأ الشهر في ٢٣ نيسان/أبريل. أنا وزوجتي سنصوم وسنصلي من أجل سلامة الجميع بغض النظر عن مكان تواجدهم أو ديانتهم.


إن الأموال التي تبرع بها من صاموا دعمت مئات الآلاف من الوجبات التي قدمناها للجوعى. كما أنها أدت إلى تضامن وتماسك اجتماعي يبدو أنه لا يحدث إلا عندما يتعاون الناس طواعية.


استجابة فورية

المئات من المشاريع التي ذكرتها كانت مصممة لتوفير الطعام لعائلات حل عليها الجوع فجأة. من الأمثلة على ذلك هو عائلة إيرانية كان فيها الأب وابنه البالغ من العمر ثماني سنوات يجمعان الخردة المعدنية لسمسار. عندما توفي الأب بسبب فيروس الكورونا لم يعد بإمكان الصبي واخته الأكبر أن يجمعا ما يكفي من المعدن لشراء الطعام. كانا يتضوران جوعا إلى أن زودتهما منظمة "أمهات بلا حدود"، بتمويل من جمعيات قديسي الأيام الأخيرة الخيرية، بإمدادات شهر من الطعام ومساعدات أخرى للعائلة. مع انهيار سلاسل التوريد وتفاقم الجفاف واختفاء التحويلات المالية ووفاة الآباء والأمهات بسبب الفيروس فإن هذه المشكلة ستتنامى. يمكن للمجتمعات الإيمانية أن تفعل أكثر من مجرد تحديد الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها ولكن أيضا مطابقة احتياجاتهم مع مواقع القوة المحلية وتوفير الدعم المستمر لعائلات مثل هذه العائلة.


الاستعداد في المدى الطويل

لكن ماذا عن التأهب والاستعداد في المدى الطويل؟ أعتقد أنه من الخطأ أن نتكل بشكل مطلق، فيما يتعلق بالتأهب والاستجابة للكوارث، على الحكومات والكيانات غير الحكومية والاعتقاد بأن لديها موارد عالية. إنني أرفض الانتقاص من التأثير الهام الذي تحدثه عائلة تقوم كل مساء بادخار ملعقة من الأرز في زجاجة مرطبات أو وضع حاوية صغيرة من الماء تحت المائدة لبناء مخزون احتياطي صغير من الغذاء والماء. إنني أحيي المجتمعات المحلية التي تنسخ بطاقات الهوية أو تأمين مولد كهرباء يعمل بالطاقة الشمسية. إنني أريد أن يعرف كل طفل الشجرة التي يجب عليه الاجتماع عندها إذا تفرقت العائلة. إن العائلات والمجتمعات التي تعمل هذه الأمور الصغيرة تبني قدرتها على تقرير مصيرها. إنهم يعرفون أنهم إذا كان بإمكانهم حل هذه المشاكل، فإن بإمكانهم حل مشاكل أخرى، وأنه ليس عليهم انتظار مساعدة الوكالات. هل سيحتاجون إلى مساعدة خارجية؟ بالتأكيد. لكنهم سينظرون إلى أنفسهم على أنهم عاملون مؤثرون وليس ضحايا. إن المجتمعات الإيمانية أفضل من أي حملة إعلامية بَرّاقة، ولديها طاقة أكبر من أي أجندة إنمائية للأمم المتحدة، كما أن لدى هذه المجتمعات السلطة الأخلاقية والقاعدة الشعبية التي تمكنها من تشجيع هذه العادات المرنة التي تخدم المجتمع على كل المستويات.


ما الذي يمكن لصانعي السياسات أن يفعلوه لمساعدة القادة الدينيين للعمل بأكبر قدر من الفعالية؟

لدي اقتراحان.


. تطبيق أسئلة إطار سِنداي لمساعدة المجتمعات على التفكير في كيفية قيامها بالاستعدادات.

        . هل قمنا بتشكيل مجلس من القادة المحليين يضم أصحاب المصلحة الدينيين لتوفير التواصل والتنسيق في حالة وقوع كارثة.

        . هل يوجد لدى الأسر طعام/ماء لمدة ٧٢ ساعة على الأقل في حالات الطوارئ؟

        . هل رُسِمت خريطة للمجتمع المحلي؟ (الطاقة الاحتياطية، المرافق الصحية المساعِدة، وسائل النقل والاتصالات البديلة، وتعيين مراكز القيادة                 والملاجئ). 

        . هل اختبر المجتمع المحلي خطة الطوارئ الخاصة به؟

        . ما الذي يمكن أن نفعله لتقليل الخسائر في الأرواح والأضرار ولا نقوم به حاليا؟


. دعوة العاملين في القطاع الديني إلى مواقع صنع القرار. احرصوا على أكبر قدر من التعددية والشمولية عند طلب المشورة. اقضوا الوقت اللازم لمعرفة نقاط القوة والفجوات. طوروا علاقات شخصية من الثقة والاحترام. أنا شخصيا من المعجبات بالعمل الجاري الذي تقوم به البارونة نيكولسن وحوار وندسور للجمع ما بين القادة الدينيين اليزيديين والقادة الدينيين الآخرين في العراق، كي يشرحوا مذهبهم والتقليص بذلك من مخاوف الغير تجاه عبادتهم، وشفاء الجروح القديمة. يمثل هذا جهدا واضحا لتفادي مأساة الإبادة الجماعية مستقبلا وطمر ذكريات الإبادة السابقة. عندما سألها أحدهم "كيف أقنعتهم بالقدوم؟" قالت، "طلبت منهم ذلك."


الإيمان أساسي كالطعام

وكما قال زميلي الموقر، الشيخ ديفد بدنار، بإيجاز في وقت سابق هذا الأسبوع في هذا المنتدى: " إن احترام كرامة المؤمنين بالدين له عوائد عديدة هامة. لكن هذه الفرص والفوائد العظيمة ممكنة فقط إذا اعترف المسؤولون بأن الدين مهم لهوية وكَيْنونة المؤمنين والمجتمعات الدينية".

إن حماية الدور القوي والفريد للإيمان في المجتمع هو أحد الأهداف الرئيسة لمنتدى الأديان لمجموعة العشرين والتي يمكن تحقيقها ويسعدني أن أدعمه وأعرب عن حرصي على الاستمرار في الحوار بخصوصه.


شكرا جزيلا لكم.





الأربعاء، 14 أكتوبر 2020

الدين كمفهوم أساسي

 

الدين كمفهوم أساسي—تأملات في أزمة جائحة فيروس الكورونا المستجد وموقع الدين في المجتمع

١٤ تشرين أول/أكتوبر ٢٠٢٠


الشيخ ديفد أ. بدنار
عضو رابطة الرسل الاثني عشر
كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة

تغمرني مشاعر الشرف والامتنان لمشاركتي معكم في منتدى الأديان لمجموعة العشرين. في مواجهة الإشكاليات المتنامية حول الدور الرئيس الذي تلعبه الأديان في حياتنا الشخصية والاجتماعية، فإن هذا الحدث الجامع لأديان مختلفة أهم من أي وقت مضى. ربما تكون تقاليدنا الدينية التي نؤمن بها مختلفة لكننا متحدون في التزامنا لتعزيز الاحترام الحقيقي للدين والمتدينين.


غالبا ما تعامل الحكومات الدين خطأ على أنه "غير-أساسي"

لقد تطرق مضيفونا السعوديون إلى العديد من الأولويات، لكنه من الواضح أن جائحة فيروس الكورونا المستجد قد برزت للأسف على أنها الموضوع الذي لا يمكن تجنبه. غرضي من كلمتي هو أن أسلط الضوء على بعض الدروس بالغة الأهمية التي تعلمها المدافعون عن الدين.

إن هذه الجائحة المتواصلة أوضحت فشل بعض المسؤولين الحكوميين في فهم الكيفيات والأسباب التي تجعل من الدين أمرا أساسيا لحياة البلايين من البشر. في كثير من الأحيان ميزت التشريعات المتعلقة بجائحة الكورونا بين النشاطات "الأساسية" و "غير الأساسية" ثم عاملت النشاطات الدينية على أنها "غير أساسية". إن هذا التمييز يتغاضى بشكل كامل عن الدور الحيوي الذي يلعبه الدين في حياة البشر.

من الواضح أن للحكومات دور أساسي في حماية البشر من فيروس الكورونا المستجد، وأنا أحيي الجهود المخلصة التي يبذلها المسؤولون الحكوميون حول العالم. وكما هو الحال فيما يتعلق بالنشاطات الدنيوية، فإن النشاطات الدينية يجب أن يجري تقنينها بحرص عندما يكون الحفاظ على سلامة البشر في غاية الضرورة. لا يمتلك أي إنسان الحق في أن ينشر فيروسات خطرة.

لكن هذا ليس هو نهاية المطاف. إن الكيفية التي يفهم بها المسؤولون الحكوميون الدينَ والمتدينون تؤثر بعمق على الكيفية التي يعاملون بها المؤسسات الدينية والمؤمنين في أوقات الأزمات. كلما كان هذا الفهم أعمق وأكثر احتراما، كلما كانت استجابات السياسات العامة للأزمات أكثر شرعية وفعالية.

بالتأكيد، إن جزءا على الأقل من أزمة شرعية الاستجابة لفيروس الكورونا المستجد ينجم من فشل بعض صانعي السياسات في أن يأخذوا في حسبانهم بالشكل الصحيح مركزية الإيمان في حياة المؤمنين.


مركزية الإيمان الديني بالنسبة للمؤمنين

    بالنسبة للبلايين من البشر حول العالم، يُعتبر الدين مركز حياتنا وفي صميم هويتنا. إن إيماننا يدعونا أن نحب الله فوق كل شيء. إنه يحدد ماهيتنا وطبيعتنا وكيف نفهم معنى حيواتنا والكيفية التي نعيش بها كل يوم. إنه مصدر قوتنا وعزائنا ورجائنا في خضم الأسى والمحن والموت. إن التقاليد الدينية هي بمثابة حاضنات وقوالب تشكل حياتنا العائلية والاجتماعية، كما أنها تخلق وتعزز الروابط الروحية التي تَصِل وتربط ما بين البشر. إن الدين هو ناقل الحقائق الأخلاقية والاجتماعية إلى الأجيال المقبلة. هل يمكن لشيء آخر أن يكون أكثر أهمية منه؟

    إن أهمية إيماننا تفوق كونه مصدر كرامتنا البشرية؛ إنه أساسي لها!


الحرية الدينية في عصر فيروس الكورونا المستجد

    إن مركزية الإيمان للكرامة البشرية هو السبب في أن القانون الدولي يعتبر الحرية الدينية "غير قابلة للتقييد"—أو بكلمات أخرى لا يمكن انتقاصها أو سلبها، حتى في أوقات الأزمات الطارئة. إن إنكار مثل هذه الحرية يعني إنكار أمر أساسي لروح المؤمن.

    إن قطع العلاقة بين البشر ومجتمعاتهم الدينية يهدد الصحة الروحية والعقلية والعاطفية والجسدية للبشر. يقوم الخبراء حاليا بتوثيق الازدياد في حالات الاكتئاب والعنف الجسدي والعاطفي والانتحار ومآسي أخرى خلال أوقات العزلة وملازمة المنزل.

    وقد قام البعض بتفسير الدعوات إلى الحساسية تجاه الحرية الدينية خلال الجائحة على أنها طلبات للاستخفاف بمخاطر فيروس الكورونا أو لإهمالها أو للتغاضي عن سياسات عامة سليمة. هذا ليس ما يسعى إليه من ينطقون باسم المجتمعات الإيمانية.

    من خلال الاعتراف بالحرية الدينية في زمن فيروس الكورونا، ومن خلال الاعتراف بالموقع الأساسي للدين في حيوات البشر، فإنه يمكن للخبراء الحكوميين والمختصين بالسياسات أن يربحوا حلفاء في الصراع المشترك ليس فقط ضد ما يتعلق بالمخاطر الصحية بل ومخاطر أخرى جدية.

    لقد عرفنا لمدة طويلة أن الروابط القوية بين العائلة والمعتقدات الدينية الراسخة والمجتمعات الإيمانية تؤثر على الصحة العقلية والعاطفية والجسدية. تتعرض هذه العلاقات الهامة للخطر عندما يجري إصدار أوامر بحظر شامل على التجمعات الدينية.

    إن ما أدعو إليه هو الاحترام والتأقلم والتعاون—للعثور على حلول مبتكرة تؤدي إلى التخفيف من حدة تهديد فيروس الكورونا المستجد دون حرمان الناس من جزء أساسي في حياتهم. في الكثير من الأحيان، أدى انعدام مثل هذه الاحترام إلى عواقب سلبية وخلق الشكوك تجاه الحكومات بشكل أدى إلى تقويض جهودها الشرعية للسيطرة على الجائحة.

    إن اختيار عدم احترام الدين عوضا عن العثور على وسائل  للتأقلم معه يؤدي إلى نتائج وخيمة. إنه انتهاك لكرامة المتدينين. إنه ضار للكثير من الاهتمامات الشخصية والاجتماعية. كما أنه يقلص الثقة في الجهود الهامة التي يقوم بها مسؤولو الصحة العامة.

الدين حليف في المعركة ضد فيروس الكورونا المستجد—عوائد الاحترام

    إن هناك طريقا أفضل. يمكن للدين أن يكون نبعا تفيض منه الشرعية والمساعدات العملية في أوقات الأزمات. لقد دعا كثير من القادة الدينيين من ينتمون إلى دياناتهم كي يبذلوا تضحيات عظيمة نابعة من محبة عميقة واحترام لسلامة الآخرين. إن الاعتراف بهذه التضحيات واحترامها والسعي لقدر أعظم من التعاون والتأقلم هو الوسيلة التي يجب المضي قدما بها.

    إن المعلومات الخاطئة هي من العوائق الكبرى خلال الأزمات الصحية. يمكن للمجتمعات الدينية أن تدحض الشائعات وتهدئ المخاوف وتنشر المعلومات الصحيحة.

    سيخشى الكثيرون اللقاحات. يمكن للقادة الدينيين أن يساعدوا في المعركة ضد فيروس الكورونا المستجد.

    إن احترام كرامة المؤمنين بالدين له عوائد عديدة هامة. لكن هذه الفرص والفوائد العظيمة ممكنة فقط إذا اعترف المسؤولون بأن الدين مهم لهوية وكينونة المؤمنين والمجتمعات الدينية!



الخاتمة

    إنني أرجو وأصلي أن يتمكن المسؤولون الحكوميون والقادة الدينيون من الاستجابة بشكل جماعي لفيروس الكورونا المستجد بطرق تقوم بحماية كل من الصحة الجسدية والروحية.

    وفي ختام كلمتي، فإنني سأفعل ما أعتبره أساسيا بالنسبة لي. إنني أعبر عن كل هذه الأفكار وأشارك هذه الأمنيات باسم سيدي الذي أخدمه وأحبه وأمثله، وهو اسم يسوع المسيح، آمين.