كلمة الأخت شارون يوبانك المستشارة الأولى في جمعية الإعانة في كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة في منتدى الأديان لمجموعة العشرين. ألقت الأخت يوبانك هذه الكلمة صباح اليوم.
الأخت شارون يوبانك
المؤتمر الافتراضي لمنتدى الأديان لمجموعة العشرين الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية
الجلسة العامة حول التزام الشبكات الدينية بالحد من مخاطر الكوارث
السبت ١٧ تشرين أول/أكتوبر ٢٠٢٠
أشكر زملائي على تعليقاتهم الرائعة اليوم. موضوع هذه الجلسة العامة هو التزام الشبكات الدينية بالحد من مخاطر الكوارث. سوف أتكلم عن الكيفية التي يمكن بها لتلك الشبكات الإيمانية أن تعزز في الواقع أفضل مشاعر التعاون في مجتمعاتنا بدلا من أسوأها. نعيش جميعًا حالة دراسية عالمية موضوعها هو فيروس الكورونا المستجد وآمل أن تكون ملاحظاتي الموجزة هذه عملية.
أريد أولاً أن أتناول موضوع الغذاء الأساسي وشبكة العلاقات التي تساعد في توفيره في حالة وقوع كارثة.
مجاعة تلوح في الأفق
تصف آخر الإحصائيات الصادرة عن الأمم المتحدة غزوات الجراد الحادة في أواخر عام ٢٠١٩، والتصاعد السريع في الركود الاقتصادي العالمي المصاحب لأزمة فيروس الكورونا، وتدابير السلامة العامة المتخذة لمنع انتشار هذا الفيروس. ثم تذكر الإحصائيات أن ٢٦٥ مليون شخص يواجهون الآن انعداما حادا في الأمن الغذائي. يقارب هذا ضعف ما كان عليه في العام ٢٠١٩. أرجو ألا يبدو ما أقوله مبالغا فيه ولكننا إذا لم نعالج هذه الأزمة بشكل منسق فمن المتوقع لها أن تنمو لتصبح من بين أسوأ المجاعات في تاريخ البشرية.
لقد كانت استجابة جمعيات قديسي الأيام الأخيرة الخيرية لأزمة فيروس الكورونا وما صاحبها من أزمة غذائية هي الأكبر منذ تأسيسها قبل ٣٥ عاما. منذ بداية العام وحتى هذه اللحظة أطلقنا ٨٦٧ مشروعا منفصلا في ١٢٤ دولة. وبدون أي استثناء تقريبا فإن كل مشروع يعتمد على علاقات ثقة مع الحكومات والمجتمعات وأديان أخرى. لقد تطورت هذه العلاقات على مدى فترة طويلة من الزمن. أذكر هذا لأنه عندما تحل الكوارث بنا فإن شبكات العلاقات هذه تتعرض حتما لضغوط حادة. لذلك فإنه من الأفضل تطوير شبكات العلاقات المهمة هذه مبكرا والاعتناء بها بحرص.
شراكات إبداعية جديدة
ربما صُدمتم مثلي عندما رأيتم في وقت سابق من هذا العام متاجر فارغة وسلاسل إمداد تعطلت بسبب فيروس كورونا. ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن منتجي الألبان يتخلصون من ملايين الجالونات من الحليب كل يوم لأن البرامج المدرسية لم تكن تشتري الحليب. كان مزارعو البطاطس والبصل يدفنون محاصيلهم في الأرض لأن المطاعم لم تكن تشتريها. وكل ذلك خلال فترة تفجر فيها الجوع. كانت سلاسل التوريد تتدهور ورزحت الشبكات الاجتماعية التقليدية تحت ضغوط هائلة. ومع ذلك، فقد وجدت تلك الشبكات القديمة تركيبات جديدة خلاّقة. لم يكن هناك خبرة لدى المواطنين على مستوى القواعد الشعبية وطلاب الجامعات وغيرهم بما في ذلك جمعيات قديسي الأيام الأخيرة الخيرية، ولكن في مواجهة الأزمة بدأوا في شراء الحليب والبطاطس وغيرها من المنتجات الخام. أقمنا شراكات مع المنتجين – مثلا، شاركنا صانع جبن محلي لننتج من الحليب جبنة سويسرية ذات مستوى مرتفع من البروتين. كما بدأت جمعيات قديسي الأيام الأخيرة الخيرية في شراء البطاطس ووضعها أسبوعيا في شاحنات للمواد الغذائية ونقلها إلى مخازن الطعام في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وجرى تجفيف فائض البطاطس والحليب لنقله إلى أماكن أخرى. أثبتت الشبكة القديمة أن بإمكانها ابتداع الحلول، وأظهرت الشراكات الجديدة ذكاءها وكان النجاح حليفنا.
الصيام كشكل من أشكال التضامن
مثل العديد من الأديان الأخرى فإن قديسي الأيام الأخيرة لديهم تقليد إيماني عميق فيما يتعلق بالصيام. في ديننا نمتنع عن تناول الطعام لمدة ٢٤ ساعة ونتبرع بالنقود التي كنا سننفقها على هذا الطعام كي يحصل الآخرون على الغذاء. أنا شخصيا أحب جمال هذا المبدأ الذي يسمح لأي شخص أن يساهم بالمقدار الذي يناسبه وأن يكون لهذه المساهمة تأثير حقيقي. في العاشر من أبريل/نيسان أعلن الرئيس رَسِل نِلسُن عن صيام عالمي ودعا كل المتدينين في العالم أن ينضموا إلينا في الابتهال إلى الله طالبين منه العون والغوث لكل من يعاني من جراء الجائحة. استقطبت هذه الدعوة الملايين من البشر الذين انضموا إلينا في هذه القضية الموحدة. لقد تلقيت عشرات من الرسائل وسأقتبس واحدة أرسلها لي أصدقائي في مؤسسة رحمة للغوث:
شكرا جزيلا على الدعوة للصيام. الصيام بالنسبة لنا هو تجربة رائعة وممارسة نقوم بها طوال شهر رمضان منذ شروق الشمس حتى غيابها، وسيبدأ الشهر في ٢٣ نيسان/أبريل. أنا وزوجتي سنصوم وسنصلي من أجل سلامة الجميع بغض النظر عن مكان تواجدهم أو ديانتهم.
إن الأموال التي تبرع بها من صاموا دعمت مئات الآلاف من الوجبات التي قدمناها للجوعى. كما أنها أدت إلى تضامن وتماسك اجتماعي يبدو أنه لا يحدث إلا عندما يتعاون الناس طواعية.
استجابة فورية
المئات من المشاريع التي ذكرتها كانت مصممة لتوفير الطعام لعائلات حل عليها الجوع فجأة. من الأمثلة على ذلك هو عائلة إيرانية كان فيها الأب وابنه البالغ من العمر ثماني سنوات يجمعان الخردة المعدنية لسمسار. عندما توفي الأب بسبب فيروس الكورونا لم يعد بإمكان الصبي واخته الأكبر أن يجمعا ما يكفي من المعدن لشراء الطعام. كانا يتضوران جوعا إلى أن زودتهما منظمة "أمهات بلا حدود"، بتمويل من جمعيات قديسي الأيام الأخيرة الخيرية، بإمدادات شهر من الطعام ومساعدات أخرى للعائلة. مع انهيار سلاسل التوريد وتفاقم الجفاف واختفاء التحويلات المالية ووفاة الآباء والأمهات بسبب الفيروس فإن هذه المشكلة ستتنامى. يمكن للمجتمعات الإيمانية أن تفعل أكثر من مجرد تحديد الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها ولكن أيضا مطابقة احتياجاتهم مع مواقع القوة المحلية وتوفير الدعم المستمر لعائلات مثل هذه العائلة.
الاستعداد في المدى الطويل
لكن ماذا عن التأهب والاستعداد في المدى الطويل؟ أعتقد أنه من الخطأ أن نتكل بشكل مطلق، فيما يتعلق بالتأهب والاستجابة للكوارث، على الحكومات والكيانات غير الحكومية والاعتقاد بأن لديها موارد عالية. إنني أرفض الانتقاص من التأثير الهام الذي تحدثه عائلة تقوم كل مساء بادخار ملعقة من الأرز في زجاجة مرطبات أو وضع حاوية صغيرة من الماء تحت المائدة لبناء مخزون احتياطي صغير من الغذاء والماء. إنني أحيي المجتمعات المحلية التي تنسخ بطاقات الهوية أو تأمين مولد كهرباء يعمل بالطاقة الشمسية. إنني أريد أن يعرف كل طفل الشجرة التي يجب عليه الاجتماع عندها إذا تفرقت العائلة. إن العائلات والمجتمعات التي تعمل هذه الأمور الصغيرة تبني قدرتها على تقرير مصيرها. إنهم يعرفون أنهم إذا كان بإمكانهم حل هذه المشاكل، فإن بإمكانهم حل مشاكل أخرى، وأنه ليس عليهم انتظار مساعدة الوكالات. هل سيحتاجون إلى مساعدة خارجية؟ بالتأكيد. لكنهم سينظرون إلى أنفسهم على أنهم عاملون مؤثرون وليس ضحايا. إن المجتمعات الإيمانية أفضل من أي حملة إعلامية بَرّاقة، ولديها طاقة أكبر من أي أجندة إنمائية للأمم المتحدة، كما أن لدى هذه المجتمعات السلطة الأخلاقية والقاعدة الشعبية التي تمكنها من تشجيع هذه العادات المرنة التي تخدم المجتمع على كل المستويات.
ما الذي يمكن لصانعي السياسات أن يفعلوه لمساعدة القادة الدينيين للعمل بأكبر قدر من الفعالية؟
لدي اقتراحان.
1. تطبيق أسئلة إطار سِنداي لمساعدة المجتمعات على التفكير في كيفية قيامها بالاستعدادات.
. هل قمنا بتشكيل مجلس من القادة المحليين يضم أصحاب المصلحة الدينيين لتوفير التواصل والتنسيق في حالة وقوع كارثة.
. هل يوجد لدى الأسر طعام/ماء لمدة ٧٢ ساعة على الأقل في حالات الطوارئ؟
. هل رُسِمت خريطة للمجتمع المحلي؟ (الطاقة الاحتياطية، المرافق الصحية المساعِدة، وسائل النقل والاتصالات البديلة، وتعيين مراكز القيادة والملاجئ).
. هل اختبر المجتمع المحلي خطة الطوارئ الخاصة به؟
. ما الذي يمكن أن نفعله لتقليل الخسائر في الأرواح والأضرار ولا نقوم به حاليا؟
2. دعوة العاملين في القطاع الديني إلى مواقع صنع القرار. احرصوا على أكبر قدر من التعددية والشمولية عند طلب المشورة. اقضوا الوقت اللازم لمعرفة نقاط القوة والفجوات. طوروا علاقات شخصية من الثقة والاحترام. أنا شخصيا من المعجبات بالعمل الجاري الذي تقوم به البارونة نيكولسن وحوار وندسور للجمع ما بين القادة الدينيين اليزيديين والقادة الدينيين الآخرين في العراق، كي يشرحوا مذهبهم والتقليص بذلك من مخاوف الغير تجاه عبادتهم، وشفاء الجروح القديمة. يمثل هذا جهدا واضحا لتفادي مأساة الإبادة الجماعية مستقبلا وطمر ذكريات الإبادة السابقة. عندما سألها أحدهم "كيف أقنعتهم بالقدوم؟" قالت، "طلبت منهم ذلك."
الإيمان أساسي كالطعام
وكما قال زميلي الموقر، الشيخ ديفد بدنار، بإيجاز في وقت سابق هذا الأسبوع في هذا المنتدى: " إن احترام كرامة المؤمنين بالدين له عوائد عديدة هامة. لكن هذه الفرص والفوائد العظيمة ممكنة فقط إذا اعترف المسؤولون بأن الدين مهم لهوية وكَيْنونة المؤمنين والمجتمعات الدينية".
إن حماية الدور القوي والفريد للإيمان في المجتمع هو أحد الأهداف الرئيسة لمنتدى الأديان لمجموعة العشرين والتي يمكن تحقيقها ويسعدني أن أدعمه وأعرب عن حرصي على الاستمرار في الحوار بخصوصه.
شكرا جزيلا لكم.